أنه أقرب إلى موافقته منه إلى معارضته، ويبعد جدًّا أن يقال بتعارضهما.
نعم كلاهما مشكل؛ أما ذلك الحديث، فلتصريحه بنقصان الأجر بسبب الغنيمة.
وأما هذا، فلأن "أو" تقتضي أحد الشيئين، لا مجموعهما، فيقتضي إما حصول الأجر، أو الغنيمة.
وقد قالوا: لا يصح أن تنقص الغنيمة من أجر أهل بدر، وكانوا أفضل المجاهدين، وأفضلهم غنيمة.
ويؤكد هذا، تتابعُ فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة من بعده على أخذ الغنيمة وعدم التوقف عنها.
وقد اختلفوا بسبب هذا الإشكال في الجواب: فمنهم من جنح إلى الطعن في ذلك الحديث، وقال: إنه لا يصح، وزعم أن بعض رواته ليس بمشهور. وهذا ضعيف؛ لأن مسلمًا أخرجه في "كتابه".
ومنهم من قال: إن الذي يعجل من أجره بالغنيمة: هو في غنيمة أخذت على غير وجهها.
قال بعضهم: وهذا بعيد لا يحتمله الحديث.
وقد قيل: إن هذا الحديث -أعني: الذي نحن في شرحه- شرط فيه: ما لا يقتضي الإخلاص. والحديث في نقصان الأجر يحمل على من قصد مع الجهاد طلب المغنم، فهذا شرك بما لا يجوز له التشريك فيه، وانقسمت نيته بين الوجهين، فنقص أجره، والأول أخلص، فكمل أجره.
قال القاضي: وأوجه من هذا عندي في استعمال الحديثين على وجههما أيضًا: أن نقص أجر الغانم بما فتح الله -عزَّ وجلَّ- عليه من الدنيا، وحساب ذلك عليه بتمتعه من الدنيا، وذهاب شظف عيشه في غزوه وبعده إذا قوبل بمن أخفق ولم يصب منها شيئًا، وبقي على شظف، وصبر على حاله في غزوه وجد أجر هذا أبدًا في ذلك وافيًا مطردًا، بخلاف الأول. ومثله قوله في الحديث