للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بعث جيشًا فيهم عبد الله بن عمر قبل نجد، وانبعثت سرية من ذلك الجيش إلى جهة أخرى، فكان التنفيل لتلك السرية قبل قدومهم جميعهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جميع الغنيمة، هكذا جاء مبينًا في روايات أبي داود لهذا الحديث (١)، وأن الذي أصاب كل واحد من السرية المنبعثة من الجيش المبعوث ثلاثة عشر بعيرًا: بعير نفلًا، واثنا عشر مع قسم عامة الجيش من أصل الغنيمة، والله أعلم.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: أنه إذا فعل أمير الجيش شيئًا من المصالح التي تتعلق بالجيش من نفل؛ غنيمة ونحوها، أن يمضيه الإمام ولا يغيره، بل يزيده إن أمكنه ذلك.

ومنها: أن السرية إذا انفصلت من الجيش، فجاءت بغنيمة، فإنها تكون مشتركة بينها وبين الجيش؛ لأنهم ردءٌ لهم.

ومنها: إثبات النفل، وهو مجمع عليه.

واختلف العلماء في هذه الزيادة التي هي النفل أين محلها من الغنيمة؟ فقال سعيد بن المسيب: إنما أعطاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها من الخمس من سهمه من الغنيمة، وهو خمس الخمس منها. وهو قول أبي عبيد، ومالك، وأبي حنيفة، والطبري وآخرين، وهو أصح أقوال الشافعي -رحمه الله-.

وقيل: إنما كان ينفلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصل الغنيمة التي يغنمونها كما نفل القاتل السلب من جملة الغنيمة، وهو قول الشافعي، وبه قال الحسن البصري، وأبو ثور، وآخرون، وهي رواية عن الأوزاعي، وأحمد.

قال أصحاب الشافعي: ولو نفلهم الإمام من أموال بيت المال العتيدة دون الغنيمة، جاز.

وقيل: هي من أربعة أخماس، وهو مذهب الأوزاعي، والشاميين، وأحمد، وإسحاق. وهو أيضًا قول للشافعي.


(١) رواه أبو داود (٢٧٤٣)، كتاب: الجهاد، باب: في نفل السرية تخرج من العسكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>