وأجاز النخعي وبعض العلماء أن تنفل السرية جميعَ ما غنمت دون باقي الجيش، وهو مخالف لما قاله كافة العلماء.
وقال بعضهم: يحتمل أن جميع الغنيمة كانت اثني عشر. وهو بعيد جدًّا؛ لأنه لو كان هذا جملة السهام غير الخمس، كان خمسها ثلاثة أبعرة. وقد قال في الحديث: ونفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا بعيرًا. فيأتي من هذا الاحتمال أن السرية من الجيش كانت ثلاثة بعد استيفاء الخمس في النفل. وهذا بعيد أن تكون سرية النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى نجد هذا العدد.
وقد قال في بعض طرق الحديث: فأصبنا إبلًا كثيرة، ولا يقال في خمسة عشر: كثيرة، وأيضًا: فإن هذه السرية إنما توجهت من جيش، وإنما كانت الاثنا عشر بعيرًا سهمًا لكل واحد من أهل الجيش، ونفل أصحاب السرية بعيرًا بعيرًا كما بيناه، والله أعلم.
واعلم أن التنفيل إنما يكون لمن صنع صنعًا جميلًا في دار الحرب انفرد به، ولهذا قال ابن عمر - رضي الله عنهما - في بعض طرق الحديث: فأصاب كل رجل منا اثني عشر بعيرًا، بعد الخمس، وما حاسبنا ببعير النفل، فيكون النفل لسرية الجيش، لا لكل واحد من الجيش كما بيناه آنفًا، والله أعلم.
ومنها: استحباب بعث السرايا من الجيوش المرسلة للجهاد، ومشاركة الجيش لها فيما غنمت. أما إذا كان الجيش في البلد، فتختص الغنمية بالسرية، ولا يشاركها الجيش فيها.
ومنها: إثبات التنفيل للترغيب في تحصيل مصالح القتال، وبعدم ذكر الإجماع فيه آنفًا، ثم الجمهور على أن التنفيل يكون في كل غنيمة، سواء كانت أول غنيمة، أو غيرها، وسواء كانت الغنيمة ذهبًا أو فضة، أو غيرهما.
وقال الأوزاعي: لا تنفيل في أول غنيمة، ولا في ذهب ولا فضة.
ومنها: وجوب القسمة في الغنائم، وهو إجماع، والله أعلم.