للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذي رواه مالك وغيره من المحققين والحفاظ الضابطين: أنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن مالكًا وعبيد الله العمري، روياه ووصلاه بكلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجعلاه منه من غير بيان لكونه مدرجًا من كلام غيره، مع شدة تحريهما وبسطتهما. وهذا هو الظاهر.

ورواه أيوب عن نافع، فقال: قال نافع: وإلا فقد عتق منه ما عتق، ففصله من الحديث، وجعله من قول نافع.

قال القاضي عياض - رحمه الله -: وما قاله مالك، وعبيد الله العمري، أولى، وقد جوداه، وهما في نافع أثبتُ من أيوب عند أهل هذا الشأن. كيف وقد قال أيوب مرة: لا أدري هو من الحديث، أم هو شيء قاله نافع؟ فقد شك فيه.

وقد رواه يحيى بن سعيد عن نافع، وقال في هذا الموضع: وإلا فقد جاز ما صنع، فأتى به على المعنى، قال: وهذا كله يرد قول من قال بالاستسعاء، والله أعلم (١).

وفي هذا الحديث أحكام مستنبطة، وأحكام مصرح بها:

أما المصرح بها؛ فمنها: أن من أعتق نصيبه من عبد مشترك، قوم عليه باقيه إذا كان موسرًا بقيمة باقيه، سواء كان العبد مسلمًا أو كافرًا، وسواء كان الشريك مسلمًا أو كافرًا، وسواء كان العتيق عبدًا أو أمة، ولا خيار للشريك في هذا، ولا للعبد، ولا للمعتق، بل ينفذ هذا الحكم وإن كرهوه كلهم؛ مراعاة لحق الله تعالى في الحرية.

وأجمع العلماء على أن نصيب المعتِق يعتق بنفس الإعتاق، إلا ما حكي عن ربيعة أنه قال: لا يعتق نصيب المعتِق، موسرًا كان أو معسرًا، وهذا قول باطل مخالف للأحاديث الصحيحة كلها، وللإجماع.


(١) وانظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٤/ ٢٦٥)، و"شرح مسلم" للنووي (١٠/ ١٣٩)، و"فتح الباري" لابن حجر (٥/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>