وأما نصيب الشريك، فاختلف العلماء في حكمه إذا كان المعتق موسرًا على ستة مذاهب:
أحدها: وهو الصحيح في مذهب الشافعي، وبه قال ابن شبرمة، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وبعض المالكية: أنه عتق بنفس الإعتاق، ويقوم عليه نصيب شريكه بقيمته يوم الإعتاق، ويكون ولاء جميعه للمعتِق، وحكمه من حين الإعتاق حُكم الأحرار في الميراث وغيره من الأحكام، وليس للشريك إلا المطالبة بقيمة نصيبه كما لو قبله.
قال هؤلاء: ولو أعسر المعتق بعد ذلك، استمر نفوذ العتق، وكانت القيمة دينًا في ذمته، ولو مات، أخذت من تركته، فإن لم تكن له تركة، ضاعت القيمة، واستمر عتق جميعه.
قالوا: فلو أعتق الشريك نصيبه بعد إعتاق الأول نصيبه، كان إعتاقه لغوًا؛ لأنه قد صار كله حرًّا.
المذهب الثاني: أنه لا يعتق إلا بدفع القيمة، وهو المشهور من مذهب مالك، وبه قال أهل الظاهر، وهو قول الشافعي.
والمذهب الثالث: أن الشريك بالخيار، إن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، وإن شاء أعتق نصيبه، والولاء بينهما، وإن شاء قُوم نصيبه على شريكه المعتق، ثم يرجع المعتق بما دفع إلى شريكه على العبد يستسعيه في ذلك، والولاء كله للمعتق، والعبدُ في مدة السعاية بمنزلة المكاتب في كل أحكامه، هذا مذهب أبي حنيفة.
المذهب الرابع: مذهب عثمان البتي: لا شيء على المعتق، إلا أن تكون جارية رابعة تراد للوطء، فيضمن ما أدخل على شريكه فيها من الضرر.
الخامس: حكاه ابن سيرين: أن القيمة في بيت المال.
السادس: محكي عن إسحاق بن راهويه: أن هذا الحكم للعبيد دون الإماء.