وهذا القول شاذ مخالف للعلماء كافة، والأقوال الثلاثة قبله فاسدة مخالفة لصريح الأحاديث، فهي مردودة على قائلها.
هذا كله إذا كان المعتق لنصيبه موسرًا، فأما إذا كان معسرًا حال الإعتاق، ففيه أربعة مذاهب:
أحدها: مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وموافقيهم: ينفذ العتق في نصيب المعتق فقط، ولا يطالب المعتق بشيء، ولا يستسعى العبد، بل يبقى نصيب الشريك رقيقًا كما كان، وبهذا قال جمهور العلماء علماء الحجاز؛ للحديث.
المذهب الثاني: مذهب ابن شبرمة، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وابن أبي ليلى، وسائر الكوفيين، وإسحاق: يستسعى العبد في حصة الشريك.
واختلف هؤلاء في رجوع العبد بما أدى العبد في سعايته على معتقه:
فقال ابن أبي ليلى: يرجع عليه، وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يرجع، ثم هو عند أبي حنيفة في مدة السعاية بمنزلة المكاتب، وعند الآخرين هو حر بالسراية.
المذهب الثالث: مذهب زفر، وبعض البصريين: أنه يقوم على المعتق، ويؤدي القيمة إذا أيسر.
الرابع: حكاه القاضي عياض عن بعض العلماء: أنه إن كان المعتق معسرًا، بطل عتقه في نصيبه أيضًا، فيبقى العبد كله رقيقًا كما كان، وهذا مذهب باطل.
أما إذا ملك الإنسان عبدًا بكماله، فأعتق بعضه، فيعتق كله في الحال بغير استسعاء، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، والعلماء كافة.
وانفرد أبو حنيفة فقال: يستسعى في نفسه لمولاه.
وخالفه أصحابه في ذلك، فقالوا بقول الجمهور.
وحكى القاضي أنه روي عن طاوس، وربيعة، وحماد، ورواية عن الحسن كقول أبي حنيفة، وقاله أهل الظاهر.