للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلا أنه يبقى على هذا احتمال أن يكون "وعتقَ عليه العبدُ" معطوفًا على "قُوِّمَ قيمةَ عدل"، لا على "أعطي شركاؤه حصصهم"، فلا يلزم تأخر عتق الباقي عن الإعطاء، ولا كونه معه في درجة واحدة تعليل بالنظر في راجح الاحتمالات؛ من حيث عطفه على "أعطي" أو على "قوم".

وأقوى منه رواية عمرو بن دينار عن سالم، عن أبيه؛ إذ فيها: "فكانَ موسرًا؛ فإنه يقوَّمُ عليه بأعلى القيمة، أو قال: قيمةً لا وكسَ ولا شَطَطَ، ثم يقوم لصاحبه حصته، ثم يعتق" (١)، فجاء بلفظة (ثم) المقتضية لترتيب العتق على الإعطاء والتقويم.

وأما ما يدل ظاهره للشافعي؛ فرواية حماد بن زيد عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "من أعتقَ نصيبًا له في عبدٍ، فكان له من المالِ ما يبلغُ ثمنَهُ بقيمة العدلِ، فهو عتيقٌ" (٢).

وأما في رواية بشر بن المفضل عن عبيد الله، مما جاء فيها: "من أعتقَ شركًا له في عبدٍ، فقد عَتَقَ كلُّه، إنْ كان الذي عتقَ نصيبهُ من المالِ ما يبلغُ ثمنَهُ، يقوَّمُ عليه قيمةَ عدلٍ، فيدفعُ إلى شركائه أنصباءَهم، ويُخلي سبيلَه" (٣)؛ فإن في أوله ما يستدل لمذهب الشافعي - رحمه الله - بقوله: "فقد عتقَ كلُّه"؛ فإن ظاهره يقتضي تعقيب عتق كله، لا عتق النصيب. وفي آخره ما يشهد لمذهب مالك - رحمه الله -؛ فإنه قال: يقوم قيمة عدل، فيدفع إلى الشركاء النصيب بعد إعتاق النصيب للتقويم، ودفع القيمة عقب التقويم إلى الشركاء، وذكر تخلية السبيل بعد ذلك بالواو.

قال شيخنا الإمام أبو الفتح بن دقيق العيد - رحمه الله -: والذي يظهر في هذا أن ينظر إلى هذه الطرق ومخارجها، فإذا اختلفت الروايات في مخرج واحد،


(١) تقدم تخريجها قريبًا.
(٢) تقدم تخريجها.
(٣) تقدم تخريجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>