للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: أبو مذكور أعتق غلامًا له يقال له: يعقوب، عن دبر، لم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "من يشتريه؟ " فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام بثمان مئة درهم، فدفعها إليه، وقال: "إذا كانَ أحدُكم فقيرًا، فليبدأْ بنفسه، فإن كان فيها فضلٌ، فعلى عيالِه، فإن كان فضلٌ، فعلى ذي قرابته، أو ذي رَحِمِهِ" (١). وهكذا رواه جماعة عن أبي الزبير، عن جابر؛ منهم: الليث بن سعد، وحماد بن سلمة، وابن جريح، وغيرهم، والله أعلم.

وفي رواية النسائي والدارقطني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دفع إليه ثمن الدبر، قال له: "اقضِ بهِ دَيْنَكَ" (٢)، والله أعلم.

وقوله: "دُبُرٍ، وأعتقَ غُلامًا له عن دُبُر"؛ معناه: أعتقه بعد موته؛ أي: قال: أنت حر بعد موتي، فكأنه علَّق عتقه بموته، والموتُ دبرُ الحياة، وبه سمي التدبير.

ولا يقال التدبير في غير الرقيق؛ كالخيل وغيرها، مما يوصي به.

قال الإمام أبو القاسم الرافعي - رحمه الله -: وقيل: سمي تدبيرًا؛ لأنه دبر أمر دنياه، باستخدامه واسترقاقه، وأمر آخرته بإعتاقه، قال: وهذا مردود إلى الأول -أيضًا-؛ لأن التدبير في الأمر مأخوذ من لفظ الدبر أيضًا؛ لأنه نظر في عواقب الأمر وإدباره، والله أعلم (٣).

وفي الحديث أحكام:

منها: جواز التدبير وصحته، وقد أجمع المسلمون عليه.


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣٠٥)، وأبو داود (٣٩٥٧)، كتاب: العتق، باب: في بيع المدبر، والنسائي (٤٦٥٣)، كتاب: البيوع، باب: بيع المدبر، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٣٠٩).
(٢) رواه النسائي (٥٤١٨)، كتاب: آداب القضاة، باب: منع الحاكم رعيته من إتلاف أموالهم، وبهم حاجة إليها، والدارقطني في "سننه" (٤/ ١٣٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٣١١).
(٣) انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٣/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>