للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم مذهب الشافعي - رحمه الله -، ومالك، والجمهور: أنه يحسب عتقه من الثلث، وقال الليث، وزفر: هو من رأس المال.

ومنها: جواز بيع المدبر قبل موت سيده؛ لهذا الحديث، وقياسًا على بيع الموصي بعتقه؛ فإنه جائز بالإجماع، وهو مذهب الشافعي وأصحابه، وممن جوزه: عائشة، وطاوس، وعطاء، والحسن، ومجاهد، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود.

وكما يجوز بيع المدبر، تجوز هبته والوصية به، وغيرُها من التصرفات المزيلة للملك، سواء كان التدبير مطلقًا، أو مقيدًا، خلافًا لأبي حنيفة في المطلق، ولمالك في المطلق والمقيد معًا.

وعن أحمد روايتان؛ إحداهما: كمذهبنا، والأخرى: أنه له بيعه للدين فقط، ويمنع بيع المدبر.

قال جمهور العلماء والسلف من الحجازيين، والشاميين، والكوفيين: وتأولوا بيعه على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما باعه في دين كان على سيده، كما رواه النسائي والدارقطني، وروي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - باعه، وقضى منه دينه، ودفع الفضل إليه.

وروي عن عائشة - رضي الله عنها -: أنها باعت مدبرة لها سحرتها (١). ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة - رضي الله عنهم -، ولا خالفها، وهذا يدل على جواز بيعه مطلقًا.

قالوا: ولا تعليق للعتق بصفة انفرد السيد بها فيتمكن من بيعه كالمعلق عتقه بدخول الدار، وتأوله بعض المالكية على أنه لم يكن له مال غيره، فرد تصرفه.

قال هذا القائل: وكذلك يرد تصرف كل من تصدق بكل ماله، وهذا ضعيف باطل، والصواب نفاذ تصرف من تصدق بكل ماله.


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٦/ ٤٠)، وعبد الرزاق في "المصنف" (١٦٦٦٧)، والبخاري في "الأدب المفرد" (١٦٢)، والدارقطني في "سننه" (٤/ ١٤٠)، والحاكم في "المستدرك" (٧٥١٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>