للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من يقول: أنا أقول بجواز بيعه في صورة كذا، والواقعة واقعة حال لا عموم لها، فيجوز أن تكون في الصورة التي أقول بجواز بيعه فيها، فلا تقوم عليَّ الحجة في المنع من بيعه في غيرها، كما يقول مالك - رحمه الله - في جواز بيعه في الدين، على التفصيل المذكور في مذهبه، والله أعلم.

قال القاضي عياض - رحمه الله -: والأشبه عندي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك نظرًا له؛ إذ لم يترك لنفسه مالًا.

والصحيح: ما قاله أصحاب الشافعي ومن وافقهم: أن الحديث على ظاهره، وأنه يجوز بيع المدبر بكل حال ما لم يمت السيد، والله أعلم (١).

ومنها: نظر الإمام في مصالح رعيته، وأمرُه إياهم بما فيه الرفق بهم، وبإبطالهم من تصرفاتهم التي يمكن نسخها، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وقد يسر الله تعالى في تأليف هذا الشرح المسمى بـ "العُدَّة في شرح العُمْدَة"، ما تقرُّ به عيونُ الطالبين، وتنشرح له صدور العلماء العارفين، وتستنير له قلوب الألباء الفَطِنين؛ لما احتوى عليه من العلوم الباهرة، والفنون الزاهرة؛ من علوم الحديث، واللغة، والفقه، والأحكام، وأسماء الصحابة والتابعين ورواياتهم، وما تيسر من مناقبهم وآثارهم، وتبيين المبهم من الأسماء، والتنبيه على دقائق واضحة، وجليات رائقة فائحة، وتفسير آيات محكمات، وإيضاح معانٍ مشكلات، وذكر أصول ثابتات، وفروع نَضِرة نيّرات.

فله الحمدُ على ما يسَّر وهدى، وأنعم وأولى، وجاد وأعطى، وأسأل الله تعالى أن يجعله خالصًا، ويعم النفعُ به كلَّ طالب حارصًا، وأن يعصمنا أجمعين من الزيغ والزلل، وأن يوفق من وجد عيبًا لسد الخلل، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى، والحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وصلواتُه وسلامه


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٤١ - ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>