للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا يصف الأطباء: تكرارَ الحلق للشعر الَّذي تزداد قوته في مواضعه، فالإبطُ إذا قويَ شعره، وغَلُظ؛ كان أفوحَ للرائحة الكريهةِ منه، بخلاف العانة؛ فإنها لا يظهر فيها ما يظهر في الإبط مما ذكرنا، والاستحداد فيها: أيسر، وأخف على الإنسان، من غير معارض.

ودخل يونس بن عبد الأعلى على الشافعي - رحمه الله -، وعنده المزيِّنُ يحلق إبطَه، فقال الشَّافعيُّ: عَلِمْتُ أَن السنةَ النتفُ؛ ولكِنْ لا أقوى على الوجع (١).

ويُستحبُّ أن يبدأ بالإبط الأيمن، والله أعلم.

أمَّا الأحكام:

فالختان: واجبٌ عند الشافعي، وكثيرٍ من العلماء.

وسنةٌ عند مالك، وأكثرِ العلماء، وتمسكوا في ذلك:

بأنَّ الفطرةَ مفسَّرةٌ بالسُّنَّة، وهي صريحة في غير الواجب؛ لأنها تذكر في مقابلته.

وبأنَّ قرائن الختان مستحبان؛ فكذلك هو.

لكن كون السنة تذكر في مقابلة الواجب وضعٌ اصطلاحي؛ لأجل الفقه، وهي في الوضع اللغوي: الطريقة، وهي في ذلك تكون واجبة، أو مندوبة.

ويجوز عطف غير الواجب على الواجب، وعكسه؛ كما تقدم.

كيف، والأدلة فيه قوية؛ من حيث عمومُ الكتاب العزيز، بالأمر باتِّبَاع إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وقد ثَبَتَ أَنَّه - صلى الله عليه وسلم - اختتن بالقدوم، وهو ابن ثمانين سنة (٢).


(١) رواه ابن أبي حاتم في "مناقب الشافعي" كما ذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١٠/ ٣٤٤).
(٢) رواه البخاري (٣١٧٨)، كتاب: الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ومسلم (٢٣٧٠)، كتاب: الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم -، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>