للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولها: "غسلَ يديهِ"؛ هذا الغسلُ قبل إدخال اليدين في الإناء، وقد بين ذلك مصَّرحًا به من رواية سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

وقولها: "ثم توضَّأَ وضوءَهُ للصلاةِ"؛ ظاهره أنه وضوء كامل، ولمَّا كان وضوء الصلاة له صورة معنوية في الذهن؛ شبه هذا الوضوء به؛ ليطابقه به في الفعل، لكنَّه مقيد بابتداء غسل الجنابة، ولا يلزم منه كونه وضوءًا للصلاة حقيقة.

وقولها: "ثمَّ اغتسلَ"؛ يعني: على ما هو مشروع معلوم عندكم، ثم ذكرت بعض صفاته؛ فقالت: "ثم يخلِّلُ بيديه شعرَهُ"؛ فحقيقة التخليل: إدخال الأصابع فيما بين أجزاء الشعر، لكن هل يكون مع بلل الأصابع بغير نقل ماء، أو بنقل ماء؟

الراجح: أنَّه مع نقل الماء؛ للرواية الواردة في "صحيح مسلم": "ثم يأخذُ الماءَ، فيُدْخِلُ أصابِعَهُ في أُصولِ شعرِهِ" (١).

وفي "سنن النسائي" في حديث عائشة ما يبين أنه يخلل شعره بالماء، وبوب عليه: باب تخليل الجنب رأسه، فقالت فيه: "كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُشَرِّبُ رَأسَهُ، ثم يَحْثي عليهِ ثلاثًا" (٢).

وهاتان الروايتان: ردٌّ على من قال: يخلل شعره بيديه مبلولة دون ماء، فلا يقال: شرَّبت بدون ماء.

وقولها: "حتى ظنَّ أنَّه أَرْوى بشرتَهُ" الظن يكون بمعنى: العلم، وبمعنى: رجحانِ أحد الطرفين على الآخر مع الاحتمال.

لكن قولها فيما بعد ذلك: "أفاضَ عليهِ الماءَ ثلاثًا"؛ يمنع القطع بأن يكون بمعنى العلم -هنا-؛ لأنَّه كان يكتفي بريِّ البشرة الذي لزم منه وصول الماء إلى جميع الشعر؛ فيخرج به عن العهد في الإتيان بالواجب.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه النسائي (٢٤٩)، كتاب: الطهارة، باب: تخليل الجنب رأسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>