مع أنه يكتفى بالظن في هذا الباب، وما شابهه؛ وهو قائم في الحكم مقام القطع؛ لأنَّا لو تعبدنا بالقطع في ذلك؛ لأدى إلى الحرج والمشقة، ثم إلى ترك المأمور.
وأَرْوى: مأخوذ من الريِّ؛ الذي هو: ضدّ العطش، وهو مجاز في ابتلال الشعر بالماء.
يقول: رَوِيتُ من الماء -بالكسر- أَرْوَى -بالفتح- رَيًّا، ورِيًّا، ورَوِيَ، وأرويتُه أنا (١).
والبشرةُ: ظاهر الجلد؛ والمراد بإروائها: إيصالُ الماء إلى جميع الجلد، والغالبُ أنه لا يصل إليه إلَّا وقد ابتلت أصول الشعر، أو كله.
وقولها:"أفاضَ الماءَ ثلاثَ مراتٍ، ثم غسلَ سائرَ جسدِه"؛ إفاضة الماء على الشيء: إفراغُه عليه، يقال: فاض الماء: إذا جرى، وفاض الدمعُ: إذا سال.
سائر -هنا-؛ بمعنى: البقية؛ وهي الأصل في استعمالها، وقد تستعمل بمعنى: الجميع، لكن البقية هنا متعينة؛ لذكرها الرأس أولًا، وهو مأخوذ من السؤر.
وأمَّا أحكامه:
ففيه دليل على: أَنَّ أفعَاله - صلى الله عليه وسلم - حجةٌ؛ كأقواله.
وفيه دليل على: استحباب غسل اليدين قبل وضوء الاغتسال، ثم الوضوء بعده كاملًا، ثم الاغتسال بعده، يبدأ فيه برأسه، ويخلله بأصابعه العشر دون الخمس، ثم باقي جسده.
وفيه: التثليث في الاغتسال؛ كالوضوء.
وفيه: جواز اغتسال الرجل والمرأة جميعًا من إناء واحد، وأن اغترافهما من الإناء يكون على التعاقب؛ لغلبة صغر أوانيهم، وتعذر تساويهما في الاغتراف