ثمَّ إذا لم يكن الغالب سبقه بمذي، فهل يتنجس برطوبة فرج المرأة؟ إن قلنا: إنَّها نجسة، نُجِّس؛ وإلَّا: فلا.
وحيث حكمنا بالنجاسة، وغسله لإزالة النجاسة، والغسل عن الجنابة: مرة واحدة؛ هل يكتفى بها، أم لا بُدَّ من مرتين؛ إحداهما: للنجاسة، والأخرى: للجنابة؟
فيه خلاف لأصحاب الشَّافعي - رحمه الله تعالى -، لكن الحديث مطلق لا يدل إلَّا على الغسل من غير تكرار؛ فيؤخذ منه الاكتفاء بغسلةٍ واحدةٍ من حيث إنَّ الأصل عدمُ غسله ثانيًا، والله أعلم.
وقولها:"ثمَّ ضربَ يَدهُ بالأرض، أو الحائطِ مرتين، أو ثلاثًا"؛ إنَّما فعل ذلك - صلى الله عليه وسلم -؛ لإزالة ما لعلَّه عَلِقَ باليد من رائحة؛ زيادةً في التنظيف.
وقد اختلف أصحابُ الشَّافعي في أنَّ النجاسة إذا زالت عينُها، وبقيت رائحتُها، هل تضرُّ؟ على وجهين، أصحهما: لا تضر، وهو قول كثير من الفقهاء.
فإذا استقصى في إزالة العين، فقد يؤخذ من هذا الحديث العفو عنها؛ لأنَّ ضربه - صلى الله عليه وسلم - يده بالأرض، أو بالحائط، لا بدَّ أَنْ يكونَ لفائدة:
لا جائز أن يكون: لإزالة العين؛ لحصولها قبله، وإلَّا لتنجست الأرض، أو الحائط؛ بملاقاتها.
ولا يكون: لإزالة الطعم؛ لأنَّه دليل على بقاء العين.
ولا يكون: لبقاء اللون؛ لبعده بالإنزال، أو المجامعة؛ لكون ذلك لا يقتضي لونًا يلصق باليد، وإن وجد؛ فنادر جدًّا.
فتعين أن يكون: لإزالة الرائحة، وحكمها: ما تقدم.
فتعين أن يكون فعله - صلى الله عليه وسلم - استظهارًا في زيادة التنظيف، وإزالة احتمال وجود رائحة، مع الاكتفاء بالظن في زوالها.