وقولها:"ثمَّ تمضمضَ، واستنشقَ، وغسلَ وجهَهُ، وذراعيهِ"؛ ففيه دليل على: شرعية هذه الأفعال في الغسل، لكن اختلف الفقهاء في المضمضة، والاستنشاق فيه:
فأوجبها أبو حنيفة، ونفى الوجوبَ: مالك، والشَّافعي، وغيرهما، وقالوا: هما مستحبَّان فيه، وفي الوضوء، وليس في الحديث ما يدل على الوجوب [إلا أن يقال: إن مطلق أفعاله - صلى الله عليه وسلم - تفيد الوجوب](١).
غير أنَّ المختار عند الأصوليين: أنَّ الفعل لا يدل على الوجوب إلَّا إذا كان بيانًا لمجمل يعلق به الوجوب، وذلك في الطهارة ليس من قبيل المجملات.
وقولها:"ثمَّ أفاضَ على رأسِه الماءَ"؛ قد يحتج بظاهره من يقول من أصحاب مالك: بتأخير مسح الرأس مع الرجلين عن الغسل، وفيه خلاف لأصحاب مالك، ويحتمل أن إفاضته الماء على رأسه؛ لكون فيه معنى المسح، وزيادة.
وقد اختلف أصحاب الشَّافعي في أنَّ غسل الرأس يقوم مقامه مسحه؟ الصحيح من أوجه ثلاثة: التفرقة فيما بينهما؛ فيجري في الرأس، ولا يجري في الخف، والله أعلم.
قولها:"ثمَّ تنحَّى، فغسلَ رِجْليه"؛ يقتضي: تأخير غسل الرجلين إلى ما بعد الغسل، وهو أحد القولين للشَّافعي، واختيار أبي حنيفة.
ومذهب عائشة -قبله- يقتضي: إكمال الوضوء قبل الغسل، وهو الصحيح من مذهب الشَّافعي، وغيره من العلماء.
وفرَّق بعضهم بين أن يكونَ موضعُ الغسل وسخًا، أو يكون الماءُ قليلًا، فيؤخر غسلهما، وبين أن لا يكونا كذلك؛ فيكمل وضوءه؛ جمعًا بين الأحاديث، وهذا في كتب المالكية، وغيرهم من العلماء.
وقولها:"فأتيتُه بخرقةٍ؛ فلم يُرِدْها"؛ الخرقة المذكورة: جاءت مسماةً في