للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حياءً حقيقيًّا؛ بل هو مجازي طبعي، يسمَّى خَوَرًا.

وقد قالت عائشة - رضي الله عنها -: نِعْمَ النسَاءُ نساءُ الأنصارِ؛ لم يمنعهُنَّ الحياءُ أَنْ يتفقهنَ في الدِّين (١).

وقد يقال: إنها تعتذر من المطلوب -عادة- بالحياء، في الإثباث؛ لا في النفي؛ كما ثبت: "إنَّ الله حَيِيٌّ كريمٌ" (٢)، فأمَّا في النفي؛ فالمستحيلات تبقى، ولا يشترط فيه أن يكونَ ممكنًا.

وأُجيبَ بأنَّه: لم يردْ على النفي مطلقًا، بل على أحيا من الحق؛ فمن حيث المفهوم يقتضي: أنَّه يستحيي من غير الحق؛ فيعود من جنبه إلى جانب الإثبات.

والذي يحسنُ العذر: أن يأتيَ رافعًا للمعتذر عنه إذا كان متأخرًا، مستقبلًا للنفس، متأثرة بقبحه.

أمَّا أن يكون دافعًا له، فلا؛ بأن يكونَ متقدمًا على المعتذَر منه، مدركًا للنفس، صافيًا من العتب، والذي في الحديث من الثاني؛ لكنَّه بالنسبة إلى العادة، لا بالنسبة إلى مطلوب الحق، والله أعلم.

ثم في الكلام حذف؛ تقديره: إن الله لا يستحيي من ذكر الحق، وبيانه كما تقدم شرحه.

والحق -هنا-، خلافُ الباطل، والمقصود: الاقتداء بفعل الله تعالى في ذلك بذكر الحق الذي دعت الحاجة إليه من السؤال عن احتلام المرأة.

وقولها: "هلْ على المرأةِ من غُسْلٍ إذا هي احتلمَتْ؟ ".

لفظة هي؛ تأكيد وتحقيق، لو أُسقطت من الكلام، لتمَّ أصل المعنى.

والاحتلام -في الوضع-: افتعال من الحُلْم -بضم الحاء، وسكون اللام-،


(١) رواه مسلم (٣٣٢)، كتاب: الحيض، باب: استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم.
(٢) رواه أبو داود (١٤٨٨)، كتاب: الصلاة، باب: الدعاء، والترمذي (٣٥٥٦)، كتاب: الدعوات، باب: (١٠٥)، وابن حبان في "صحيحه" (٨٧٦)، عن سلمان - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>