للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقتضي الترتيب، وفي غير هذا الحديث: ثم مسح وجهه، بلفظ (ثم)، وهي تقتضي الترتيب.

فاستدل به على أن: ترتيب اليدين على الوجه ليس بواجب؛ لأنه إذا ثبت ذلك في التيمم، ثبت في الوضوء، ولا قائل بالفرق.

قوله: "وظاهرَ كَفَّيْهِ":

يقتضي الاكتفاء بمسح الكف في التيمم؛ وهو مذهب أحمد.

وحكى الحسن بن زياد، عن أبي حنيفة: أنه إذا مسح أكثرَ وجهه، وأكثرَ يديه أجزأَه، ومذهبُ الشافعي وأبي حنيفة -في المشهور عنه-: أَنَّ التيمُّمَ إلى المرفقين، واستدل على ذلك:

بتقييده اليد، بالغاية إلى المرفقين في الوضوء؛ لقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦].

وأطلقت في التيمم؛ بقوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦]، فلو كانت الغاية في التيمم مغايرةً للوضوء، لبينها؛ فدلَّ على أن الغاية في التيمم كالغاية في الوضوء.

وبحديث أبي الجهم عبدِ الله بن الحارث بن الصَّمة الأنصاري النجَّاري: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَيَّمَّمَ عَلَى الجِدَارِ؛ فَمَسَحَ وَجْهَهُ ويَدَيْهِ" (١).

ولا شك أَنَّ اليدَ تطلق لفظًا: على رؤوس الأصابع إلى الإبط، وتطلق شرعًا، ولفظًا: على الكفِّ، وتطلق كذلك: على الكف والذراع.

وهذه الإطلاقات الثلاثة مذاهبُ للعلماء، تقدَّم نقلُها، لكن أقواها: أن المراد باليدين: الكفَّان؛ لظاهر حديث عمار؛ ولآية السرقة: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، والمراد: كفّاهما إجماعًا.

وقد ورد في بعض روايات حديث أبي الجهم: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَسَحَ وَجْهَهُ،


(١) رواه البخاري (٣٣٠)، كتاب: التيمم، باب: التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة، ومسلم (٣٦٩)، كتاب: الحيض، باب: التيمم.

<<  <  ج: ص:  >  >>