للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقديمها: كالصلوات؛ سواء رجاء زيادة الجماعة، أم لا.

أم تأخيرها: إلى ثلث الليل، أو نصفِه؛ لأجل مجرد التأخير لقصد ذلك الوقت.

وعلى هذا اختلفوا: هل يختلف ذلك باختلاف الأزمنة؛ من الصيف لقصر الليل، فيكون التقديم أفضل، أو الشتاء لطوله، فيكون التأخير أفضل؟

وذهب بعض العلماء؛ إلى أَنَّ تأخير الصلوات إلى آخر الوقت أفضل، إلَّا الصبح يومَ النحر بالمزدلفة؛ فإنه يصليها بغلس.

أما الظهر: فتقديمها أفضل؛ لكونه صلاها في الهاجرة؛ وهي شدة الحر وقوته، لكنه معارض بظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "إذا اشتدَّ الحرُّ، فَأَبْرِدوا" (١).

ويمكن الجمع بينهما: بأَنْ يكونَ أطلق اسمَ الهاجرة على الوقت الذي بعدَ الزوال مطلقًا؛ فإنه قد يكون فيه الهاجرة في وقت، فيُطلق على جميع الوقت بطريق الملازمة، وإن لم يكن وقت الصلاة في حر شديد؛ وفيه بعد.

وقد نقل صاحب "العين" (٢): أن الهجير، والهاجرة: نصفُ النهار، فإن كان مرادُ الحديث هذا؛ كان معناه مطلقًا على الوقت.

وقد اختلف الفقهاء من أصحاب الشَّافعيِّ، وغيرهم: أن الإبراد رخصة، أو عزيمة؛ بمعنى: أنه سنة، وفيه وجهان لأصحاب الشَّافعيِّ:

أصحهما: أنه عزيمة بشروط.

والثاني: أنه أمر إباحة، فيكون تعجيلُها في الهاجرة أخذًا بالأشَقِّ، فيكون التهجير لبيان الجواز، على قول من يرى الإبرادَ سُنَّةً، وفيه بعد؛ لأن قولَ


(١) رواه البخاري (٥١٢)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر، ومسلم (٦١٥)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "العين" للخليل (٣/ ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>