والقول الثاني: أَنَّ وقتَها يمتد إلى الشفق، وله فعلُها أداء في كل ذلك الوقت، وهو الصحيح المختار عند المحققين من المتقدمين والمتأخرين من أصحاب الشافعي المحدثين، وغيرهم، ولا يأثم بذلك.
وصلاة المغرب في حديث جبريل في اليومين في وقت واحد؛ كان متقدمًا بمكة، وامتدادُ وقتها إلى غروب الشفق متأخرًا بالمدينة، وأحاديثها أصحُّ إسنادًا، فوجب تقديُمها، والعملُ بها.
أو يكون فعلها في حديث جبريل - عليه السلام - بيانًا للأفضل، أو الاختيار، ولم يستوعب وقت الجواز، وذلك جارٍ في أكثر الصلوات، والله أعلم.
وفي قوله:"في العِشاء أَحْيانًا" دليلٌ على أنّ تأخير الصلاة؛ لانتظار الجماعةِ أفضل، وقد تقدم ذكرُ ذلك بالنسبة إلى العشاء، لكنَّ المسألةَ ذكرها العلماء بالنسبة إلى جميع الصلوات التي لم يتضيق وقتها: أن فعلَها في أول الوقت مع الجماعة أفضلُ، فلو تعارضَ الانفرادُ، أو الوقتُ، أو التأخيرُ مع الجماعة، فوجهان:
الصحيح المختار: أن التأخير للجماعة أفضلُ؛ لهذا الحديث.
ولأن التشديد في ترك الجماعة مع إمكان التقديم، والترغيب في فعلها موجودٌ في الأحاديث الصحيحة، وفضيلةُ الصلاة في أول الوقت وردَ على وجه الترغيب في الفضيلة.
وأما جانب التشديد في التأخير عن أول الوقت، فلم يَرِدْ كما ورد في صلاة الجماعة، وكلُّ ذلك دليل على رجحان الصلاة في الجماعة.
نعم إذا صح لفظ:"الصلاةُ في أولِ الوقتِ أفضلُ"(١) كان دليلًا دلالة ظاهرة على خلاف ما ذكرنا من أن التأخير للجماعة أفضل، وقد تقدم ذكرنا لصحته في الحديث الأول من هذا الباب، وإن كان حديث الباب ليس فيه دليل على الصلاة