للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا تتبع الأعراب في تسميتهم هاتين الصلاتين بذلك؛ لأنهم لم يقيدوا بتسميتها، لا بما جاء في كتاب الله تعالى، ولا بما جاء في السنة كما ثبت في حديث جبريل - عليه السلام -، وغيره تسميتها بالمغرب، والله أعلم.

وقوله: "وكان يَكْرَهُ النَّوْمَ قبلَها"؛ لأنه قد يكون سببًا لنسيانها، أو تأخيرها عن وقتها المختار، وغيره.

وقد كرهه: عمر، وابنه، وابن عباس، وغيرهم من السلف، وبه قال مالك، وأصحاب الشَّافعيِّ.

وقال الطحاوي: يُرَخَّصُ فيهِ بشرط: أن يكون معه من يوقظه، وروي عن ابن عمر: مثلُه، والله أعلم (١).

وقوله: "والحديثَ بعدَها"؛ لأنه قد يقع فيه من اللغو واللغط ما لا ينبغي ختمُ اليقظةِ به، ولهذا شرع من الذكر عند النوم ما لا يشرع في غيره من الحالات.

وهذا إذا كان الحديث لا يتعلق بمصلحة شرعية؛ كالحديث في مصالح المسلمين، ومع الضيفان، ومؤانسة الضعفاء، والإخوان، ومذاكرة العلم، وقد بوب البخاري عليه: "باب: السمر بالعلم" (٢)، وكذلك الحديث فيما تدعو إليه حاجة الناس، وقد صح: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدث أصحابه بعد العشاء (٣).

ثم المراد بكراهة الحديث بعد العشاء: بعدَ فعلها، لا بعدَ دخولِ وقتها، واتفق العلماء على كراهته، إلا ما كان في خير.

وقد تكون الحكمة في كراهة الحديث بعدها: ما جعله الله من كون الليل


(١) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٤/ ٣٢٩).
(٢) انظر: "صحيح البخاري" (١/ ٥٥).
(٣) وقد روى البخاري (١١٦)، كتاب: العلم، باب: السمر في العلم، ومسلم (٢٥٣٧)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تأتي مئة سنة .. "، من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام فقال: "أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>