للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه دليل على: أنَّ الصلاةَ الوسطى؛ هي العصرُ، وقد اختلف العلماء من الصحابة، فمَنْ بعدَهم فيها في المراد بها في القرآن العزيز.

لكنَّ صريحَ هذه الأحاديث يعين أنها العصر، وبه قال: عليُّ بنُ أبي طالب، وابنُ مسعود، وأبو أيُوب، وابنُ عمر، وابنُ عباس، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعَبيدة السلماني، والحسنُ البصري، والنَّخَعِي، وقتادة، والضحاك، والكلبي، ومقاتل، وأبو حنيفة، وأحمد، وداود بن المنذر، وغيرهم، قال الترمذي: هو قول أكثر العلماء من الصحابة، فمَنْ بعدَهم (١).

وقاله الماوردي عن مذهب الشافعي؛ لصحة الأحاديث فيه، قال: وإنما نصَّ على أنها الصبح؛ لأنه لم تَبلغْه الأحاديث الصحيحة في العصر، ومذهبه اتباع الحديث، وهذا هو المذهب الصحيح في المسألة.

وقالت طائفة: هي الصبح؛ وهو منقولٌ عن عمرَ، وابنِه، وابنِ عباس، ومعاذٍ، وجابرٍ، وعطاءٍ، ومجاهدٍ، وعكرمةَ، والربيعِ بنِ أنسٍ، ومالكِ بنِ أنسٍ، والشَّافعيِّ، وجمهورِ أصحابِه، وغيرِهم، وأجاب هؤلاء عن الحديث على طريق المعارضة له، وللفظه، ومعناه.

أما المعارضة له: فعُورِضَ بحديث رواه مالك، من حديث أبي يونس، مولى عائشة: أنه قال: أمرتني عائشةُ أن أكتبَ لها مُصحفًا، ثم قالت: إذا بلغْتَ هذه الآية، فآذِنِّي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]، فلما بلغْتُها، آذَنتُها، فأمْلَتْ عليَّ: حافظوا على الصلوات، والصلاة الوسطى، وصلاة العصر، وقوموا لله قانتين، ثم قالت: سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

ونحوه روي -أيضًا- عن زيد بن أسلم، عن عمر بن رافع، قال: كنت أكتب مصحفًا لحفصةَ أُم المؤمنين، فذكر عنها مثلَ ما ذكر عن عائشة (٣).


(١) انظر: "سنن الترمذي" (١/ ٣٤٢).
(٢) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ١٣٨)، ومسلم (٦٢٩)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
(٣) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ١٣٩)، وابن عبد البر في "التمهيد" (٤/ ٢٨٠)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>