للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَحَدُكُم صَائِمٌ، فابْدَؤُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا" (١)، وفي رواية صحيحة: "فَابْدَؤُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلاَةَ المَغْرِبِ" (٢).

والحديث يفسر بعضه بعضًا، فأما أهل القياس والنظر، ففهموا المعنى في الحديث: في تقدم الطعام على الصلاة؛ لعدم التشويش بالتشوف إلى الطعام؛ لتنبيهه - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الرواية المفسرة: "وأَحَدُكُمْ صَائِمٌ"؛ فإنه مؤدٍّ إلى عدمِ الحضورِ في الصلاة.

لكن هل يقتصر على ما يكسر سَوْرَةَ الجوع، أو يأكل ما يشبعه؛ بحيث لا يؤدي إلى خروج الصلاة عن وقتها، ولا يذهب حضوره فيها؟

نُقِلَ عن الإمام مالك - رحمه الله -: البَدَاءَةُ بالصلاة، إلا أن يكون طعامًا خفيفًا، واستدل بالحديث المفسر، وعلى أَن وقتَ المغرب فيه توسعة.

لكن إن أراد التوسعة بالنسبة إلى الطعام للصائم، فمقبول، وإن أراد التوسعة إلى غروب الشفَق، ففيه نظر بالنسبة إلى من يقول بضيقِ وقتِها، وتقديره بزمان معين يدخل فيه ما يكسر سَوْرة الجوع بلقيمات.

وأما الظاهريَّة فقالوا: بتقديم الطعام على الصلاة مطلقًا، وزاد بعضهم، فقال: وإن صلى، فصلاتُه باطلة، والله أعلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صَلاَةَ بِحَضْرَةِ الطَّعامِ، ولا وَهُوَ يُدافعُهُ الأخبثان":

الأخبثان: البولُ، والغائط، وقد ورد التصريحُ بهما في بعض الأحاديث.

وهذا الحديث عام في كل صلاة، ومنعها مع حضور الطعام، ومدافعة الأخبثين؛ لأن (لا) لنفي الجنس مع النكرة تعم، وصلاة نكرة مع لا؛ فكان ذلك عامًّا في كل صلاة.


(١) رواه ابن حبان في"صحيحه" (٢٠٦٨)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٥٠٧٥)، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٦٤١)، كتاب: الجماعة والإمامة، باب: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، ومسلم (٥٥٧)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>