للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بعض الروايات: "لا وقتَ لها إلا ذلك" (١).

لكن بين الحديثين عموم وخصوص من وجه، فحديث النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر خاص في الوقت، عام في الصلاة، وحديث النوم والنسيان خاص بالصلاة الفائتة، عام في الوقت، فكل منهما بالنسبة إلى الآخر عام من وجه، خاص من وجه.

ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صيامَ لمنْ لم يُبيِّتِ الصيامَ من الليل" (٢)؛ فإنه نفيٌ للصومِ الشرعي لا الحسي.

ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاحَ إلا بوليٍّ" (٣)، فإن حمله على الحقيقة الشرعية ينفي الاحتياجَ إلى الإضمار، وحمله على الحقيقة الحسية، يضمر بعضهم الصحة، وبعضهم الكمال، وكذلك ما شاكل ذلك.

واعلم أنه أجمعت الأمة على كراهة صلاةٍ لا سببَ لها في هذه الأوقات.

واتفق العلماء على جواز الفرائض المؤداة فيها.

واختلفوا في النوافل التي لها سبب؛ كصلاة تحية المسجد، وسجود التلاوة، والشكر، وصلاة العيد، والكسوف، وفي صلاة الجنازة، وقضاء الفوائت.

ومذهب الشافعية وطائفة: جواز ذلك كله، ومذهب أبي حنيفة وآخرين: أنه داخل في النهي، بعموم الأحاديث.


(١) قال ابن خزيمة في "صحيحه" (٢/ ١٠٠): لم يرد - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "من نام عن صلاة فليصلها إذا استيقظ" أن وقتها حين يستيقظ، لا وقت لها غير ذلك، وإنما إراد أن فرض الصلاة غير ساقط عنه. بنومه عنها حتى يذهب وقتها، بل الواجب قضاؤها بعد الاستيقاظ، فإذا قضاها عند الاستيقاظ أو بعده، كان مؤديًا لفرض الصلاة التي قد نام عنها.
(٢) رواه النسائي في (٢٢٣٤)، كتاب: الصيام، باب: ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٢٠٢)، عن حفصة - رضي الله عنها -.
(٣) رواه أبو داود (٢٠٨٥)، كتاب: النكاح، باب: في الولي، والترمذي (١١٠١)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء: لا نكاح إلا بولي، وابن ماجه (١٨٨١)، كتاب: النكاح، باب: لا نكاح إلا بولي، عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>