للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أهل اللغة: هو -بفتح الباء، وكسر الطاء-، ولم يخبروا غير هذا؛ وكذا نقله صاحب "البارع"، وأبو عبيد البكري؛ وهو واد بالمدينة (١).

وقوله: "فَتَوَضَّأ للصَّلاَةِ، وَتَوضَّأنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعدَمَا غَرَبَتِ الشمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغرِبَ"؛ هذا ظاهر أنه صلاهما في جماعة؛ فيكون فيه دليل: بجواز صلاة الفريضة الفائتة جماعة؛ وبه قال العلماء كافة، إلا ما حكاه القاضي عياض، عن الليث بن سعد: أنه منع ذلك؛ وهو مردود بهذا، وبأنه - صلى الله عليه وسلم -: "صلى الصبح في جماعة، حين ناموا عنها"، رواه مسلم في "صحيحه" (٢).

وقد ذكر أصحاب الشافعي -رحمهم الله تعالى-: أن من فاتته الجمعة لعذر، وغيره؛ أنه يصلِّي الظهر، لكنه هل يصلِّيها في جماعة؟ الأصحُّ: أنه تُشرع في جماعة، لكنْ لا تكون مشتهرة؛ لما يلزم من شهرتها سوء الظن بالإمام.

ولأصحابنا وجهٌ: أنها لا تُشرع في جماعة، بل تصلَّى فرادى.

وفي الحديث فوائد:

منها: جواز سبِّ المشركين؛ لتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، من غير إنكار؛ وهو سبٌّ مطلق من غير تعيين، فينبغي أن يُحمل على ما ليس بفحش.

وفيه: تقديم الفائتة على المؤدَّاة؛ لقول عمر - رضي الله عنه -: "ما كدت أصلي العصر"؛ لأن (كاد) إذا دخل عليه النفي؛ اِقتضى وقوع الفعل، في الأكثر؛ كما في قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١]، وصلاته - صلى الله عليه وسلم - العصرَ قبلَ المغرب؛ تدل على ذلك -أيضًا-.

ومذهب مالك: وجوبُه في القليل من الفوائت؛ وهي ما دون الخمس، وفي الخمس خلاف.


(١) انظر: "معجم البلدان" لياقوت (١/ ٤٤٦)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ١١٥)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ١٣٥)، و"لسان العرب" لابن منظور (٢/ ٤١٤)، (مادة: بطح). وعبارة صاحب "المشارق": وكذا قيده القالي في "البارع"، وأبو حاتم البكري في "المعجم".
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>