للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لا يجوز حملُها هنا على الاشتراك، إجماعًا.

إذا ثبت هذا؛ فأفضلُ -هاهنا-، تقتضي: الاشتراك، وزيادة الفضل بالجماعة، ويدل عليه؛ ما رواه أبو داود بإسناد حسن: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ الرجلِ مع الرجلِ؛ أزكى من صلاتهِ وحدَه، وصلاتُه مع الرجلين؛ أزكى من صلاتِه مع الرجل، وما زادَ؛ فهو أحبُّ إلى الله" (١).

وما ثبت في رواية في "الصحيح"، حديث في هذا الباب: "تزيدُ صلاةُ الجماعة على صَلاةِ الفَذِّ" (٢)، أو "تَفْضُلُ صلاةُ الجماعةِ على صلاةِ الفَذِّ" (٣)؛ وذلك دليل على: صحةِ صلاة المنفرد، وأنَّ الجماعة ليست شرطًا لصحة الصلاة.

وقد قال بأن الجماعة فرض على الأعيان؛ جماعةٌ من العلماء، وبأنها شرط لصحتها: داودُ الظاهري، والمختارُ في المذهب الشافعي: أنها فرضٌ على الكفاية، وقيل: سنة.

ثم الفضل في الجماعة؛ هل هو بسببها فقط، أم بوصف زائد؛ وهو كونُها في المسجد؛ لكثرة الخطا إليها، وكتب الحسنات، ومحو السيئات بكل خطوة، وانتظار الصلاة، ودعاء الملائكة، ومراعاة آداب دخول المسجد، وغير ذلك؟

والظاهر: الأول؛ لأن الجماعة وصف عُلِّق عليه الحكم، وإذا كان ذلك لأجل الجماعة؛ فهل تفضل جماعةٌ جماعةً بالكثرة؟

المشهور عن مالك: أنه لا تفضل، وقال ابن حبيب: تفضل بالكثرة، وفضيلة الإمام.


(١) رواه أبو داود (٥٥٤)، كتاب: الصلاة، باب: في فضل صلاة الجماعة، والنسائي (٨٤٣)، كتاب: الإمامة، باب: الجماعة إذا كانوا اثنين، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٦١)، عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -.
(٢) رواه مسلم (٦٥٠)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة.
(٣) رواه البخاري (٦١٩)، كتاب: الجماعة والإمامة، باب: فضل صلاة الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>