للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن صلى في جماعة؛ وإن قلَّت، لا يعيد في أكثر منها؛ على مشهور قول مالك، وهو قول جماعة العلماء، وحكي عن مالك: إعادتها في المساجد الثلاثة في الجماعة، والله أعلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"، في رواية في "صحيح مسلم": "بخمس وعشرينَ درجةً"، (١) وفي رواية فيه: "بخمسٍ وعشرينَ جُزْءًا" (٢).

الاختلاف بين الدرجة والجزء؛ فإن كلًّا منهما مرادُ الآخر، وإن كان الجزء هو: الجاري على اللغة، والدرجة: مؤولة عليه، وجعلها بعضهم غيره؛ وهو غفلة منه؛ وأما الجمعُ بين سبع وعشرين، وخمس وعشرين؛ فمن ثلاثة أوجه:

أحدها: أن ذكر العدد القليل لا ينفي الكثير، ومفهوم العدد باطل عند جمهور الأصوليين.

الثاني: أنه أخبر بالقليل أولًا، ثم أعلمه الله بزيادة الفضل؛ فأخبر بها.

الثالث: أن ذلك يختلف باختلاف المصلين، والصلاة؛ فيكون لبعضهم خمس وعشرون، ولبعضهم سبع وعشرون، بحسب كمال الصلاة؛ من المحافظة على هيئاتها، وخشوعها، وكثرة جماعتها وفضلهم، وشرف البقعة، ونحو ذلك، والله أعلم.

ثم التضعيف بالجماعة للصلاة؛ هل هو بمعنى الصلوات، فتكون صلاة الجماعة؛ بخمس وعشرين، أو سبع وعشرين صلاة؟ أو يقال: إن لفظ الدرجة، والجزء؛ لا يلزم منهما أن يكون بمقدار الصلاة؟

لكن الأول أظهر؛ حيث ورد مبينًا في بعض الروايات، ولفظه: "تُضاعَفُ


(١) رواه مسلم (٦٤٩)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة، والبخاري (٤٤٤٠)، كتاب: التفسير، باب: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨]، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٦٢١)، كتاب: الجماعة والإمامة، باب: فضل صلاة الفجر في جماعة، ومسلم (٦٤٩)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>