البيوت، بإقامته في الجماعة فيها؛ ولعلَّه نظر إلى ما ذكرناه.
ثم المفاضلة للصلاة في المسجد؛ بين الانفراد، والجماعة، هل نقول: إنها تحصل للمصلي في البيوت؛ ظاهر إطلاق العلماء حصولُها بينهما بهذا القدر المخصوص؛ أما المفاوتة بينهما، من حيث الجماعة والانفراد؛ فلا شك فيه.
لكن فيه تردد أصحاب الشافعي -رحمهم الله-؛ في أنه هل يتأدى الفرض، أو المشروع في الجماعة؛ بإقامتها في البيوت؟
إذا قلنا: إنها فرض على الكفاية، منهم من قال: يكفي؛ كما لو صلوا جماعة في السوق.
والصحيح: أنه لا يكفي؛ لأن المشروع في الجماعة، إنما شرع بوصف كونه في المسجد؛ وهو منتفٍ في البيوت، لكنه بعدم الخصوصية في المسجد؛ لا بحسب الجماعة.
أما المفاضلة بين الجماعة: في المسجد، والبيت والسوق؛ فمقتضى الحديث: المفاضلةُ بينهما؛ للمقابلة بلفظ الجماعة بينهما؛ لأنا لو جرينا على إطلاق اللفظ، لم تحصل المقابلة، وكون الشيء قسمًا، يصير قسمًا منه باطل؛ فتصح المقابلة بينهما في الجماعة والانفراد، فيكون الحديث عامًّا: في المسجد، والبيت والسوق بينهما.
وقد أشار بعضهم إلى المفاوتة بين المسجد والسوق فقط؛ من حيث ما ورد: أن الأسواقَ موضعُ الشياطين؛ فالصلاةُ فيها ناقصة الرتبة، فهي مكروهة؛ وهذا ممكن في السوق، بخلاف البيت، فلا تطرد فيه، لكنهم لم يذكروا الصلاة في السوق مع الصلاة في المواضع المكروهة؛ كالحمام، ومعاطن الإبل.
فكأن الحديث خرج مخرج الغالب؛ في أنَّ منْ لم يصلِّ في الجماعة، صلى منفردًا، لا لمقابلة الجماعة بالجماعة؛ في المسجد، وفي البيت والسوق، أو الانفراد؛ بالانفراد فيها؛ وبهذا يرتفع الإشكال.
ثم الأوصاف التي تعتبر في ذلك؛ لا تُلغى، فللناظر في الحديث، معتبر: