الأذان، ويخرج عنه: التكبير الأول، والأخير؛ فإنه مثنى، وكذلك لفظ الإقامة؛ فإنه مثنى، وقد ثبت في "صحيح مسلم": "ويوتر الإقامة"(١).
وخالف أبو حنيفة، فقال: الإقامة مثنى؛ كالأذان.
وخالف مالك الشافعي في لفظ الإقامة، قال: إنه مفرد؛ عملًا بهذا الحديث.
وتمسك الشافعي بالاستثناء في الإقامة في "صحيح مسلم".
وأيد مالكٌ مذهبه في ذلك وغيره بعمل أهل المدينة، ونقلِهم، وجعله أقوى؛ لأن طريقه النقل، والعادة في مثله يقتضي شيوع العمل، وأنه لو كان تغير، لعمل به.
وقد اختلف أصحاب مالك في أن إجماع المدينة حجة مطلقًا؛ في مسائل الاجتهاد، أو يختص ذلك بما طريقه النقل والانتشار؛ كالأذان، والإقامة، والصاع، والمُدِّ، والأوقات، وعدم أخذ الزكاة من الخضراوات.
وقال بعض المتأخرين من المالكية: والصحيح عندنا جزمًا: أنه لا فرق في مسائل الاجتهاد بينهم وبين غيرهم من العلماء، ولم يقم دليل على عصمة بعض الأئمة.
نعم؛ ما طريقه النقل، إذا عدم اتصاله، وعدم تغييره، واقتضته العادة من صاحب الشرع، ولو بالتقرير عليه؛ فالاستدلال به قوي، يرجع إلى أمر عادي به؛ كحكمه في إفراده الإقامة، وتثنية الأذان: أن الأذان لإعلام العامة؛ فيثنى؛ ليكون أبلغ في إعلامهم، والإقامة للحاضرين؛ فلا حاجة إلى تكرارها.
ولهذا قال العلماء: يكون رفع الصوت في الإقامة دون الأذان، وإنما كرر لفظ الإقامة خاصة؛ لأنه مقصودها، فإن قيل: إن المختار: الإقامة إحدى عشرةَ كلمة، منها: الله أكبر، الله أكبر؛ أولًا، وآخرًا، وهذا تثنية؛ كما مر ذكره؟!
(١) رواه مسلم (٣٧٨)، كتاب: الصلاة، باب: الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة، والبخاري أيضًا (٥٨٠)، كتاب: الأذان، باب: الأذان مثنى مثنى.