للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجواب: أنه وإن كان صورة تثنية؛ فهو بالنسبة إلى الأذان إفراد؛ ولهذا قال أصحاب الشافعي: يستحب للمؤذن أن يقول كل تكبيرتين بنفس واحد؛ فيقولهما في أوله، وفي آخره، كل منهما بنفس واحد، والله أعلم.

وفي حديث أنس هذا فوائد:

منها: قد يُستدل به على وجوب الأذان؛ من حيث إنه إذا أمر بالوصف، لزم أن يكون الأصل مأمورًا به؛ فظاهر الأمر للوجوب؛ وهذه مسألة اختلف فيها: والمشهور: أن الأذان والإقامة سنتان.

وقيل: فرضان على الكفاية؛ وهو قول الإِصطخري من أصحاب الشافعي، وقد يكون له متمسك بهذا الحديث.

وفيه: أن الأذان يُشفع؛ لكن اختلف العلماء، في كيفية كونه شفعًا:

فقال الشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد، وجمهور العلماء: بالتربيع في التكبير فيه.

وقال مالك: بالتثنية.

ولا شك أن التربيع ثابت في "صحيح مسلم"؛ من حديث أبي محذورة (١)، مع اختلاف فيه بين التثنية والتربيع، وكذلك اختلف فيهما عن عبد الله بن زيد، لكن المشهور فيه التربيع عنه؛ وهي زيادة من الثقة، وهي مقبولة؛ وبها عمل أهل مكة في المواسم؛ وهو مجمع المسلمين، ولم ينكرها أحد من الصحابة، وغيرهم.

وقيل لأحمد بن حنبل -وكان يأخذ بأذان بلال-: أليس أذانُ أبي محذورة بعدَ أذان بلال؟ فقال: أليس لما عاد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، أقر أذان بلال على حاله! والله أعلم (٢).

وفيه: أن الإقامة وتر، واختلف العلماء في كيفيتها:


(١) رواه مسلم (٣٧٩)، كتاب: الصلاة، باب: صفة الأذان.
(٢) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>