للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "حمراءَ"، وصفَها بذلك؛ وهو من باب وصف الشيء بما ظهر، ورُئي؛ وهو أحسنه.

وقوله: "من أَدَم"، هو بفتح الدال؛ وهو جمع الأديم: وهو الجلود.

وتقدم أن الوَضوء -بفتح الواو-: اسمٌ للماء، والكلامُ عليه.

وقوله: "فمن ناضحٍ، ونائلٍ"؛ فيه إضمار تقديره: فتوضأ، فمن الناس من ينال من وضوئه شيئًا، ومنهم من ينضح عليه غيره؛ مما يناله، ويرش عليه بللًا مما حصل له؛ تبركًا بِآثاره - صلى الله عليه وسلم -، وكلاهما قد ورد مبينًا، في حديث آخر صحيح: "فَمَنْ لمْ يُصِبْ، أَخَذ مِنْ يَدِ صاحِبِهِ" (١)، وفي آخر: "فَرَأَيْتُ الناسَ يأخذونَ من فَضْلِ وَضوئِهِ" (٢).

وقوله: "عليه حلة حمراءُ"؛ الحلة: ثوبان غير لفقين رداءً، وإزارًا؛ وسميا بذلك: لأن كل واحد منهما، يحل على الآخر.

قال الخليل: ولا يقال حلة لثوب واحد، وقال أبو عبيد: الحلل: برود اليمن، وقال بعضهم: لا يقال لها حلة حتى تكون جديدة، بحلها عن طيها (٣).

والدليل على أن الحلة لا تكون إلا ثوبان: ما ثبت في الحديث: "أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا عليهِ حُلَّة؛ اتَّزَرَ بإحداهما، وارتدى بالأخرى" (٤).


(١) تقدم تخريجه في حديث الباب، عند البخاري.
(٢) رواه البخاري (١٨٥)، كتاب: الوضوء، باب: استعمال فضل وضوء الناس، ومسلم (٥٠٣) (١/ ٣٦١)، كتاب: الصلاة، باب: سترة المصلي.
(٣) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/ ٢٢٨)، و "العين" للخليل (٣/ ٢٨)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ١٩٦)، وعنه نقل المؤلف نصّه هذا في معنى (الحلة).
(٤) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢٦٠٦) في قصة ذي البجادين، بلفظ: "فاتزر نصفًا، وارتدى نصفًا ... ". أما ما ساقه المؤلف من لفظ الحديث، فقد نقله من "مشارق الأنوار"، على عادته في ذكر الحديث من غير مصادره الأصلية، وكتاب كـ "مشارق الأنوار" لا يُعنى فيه بالألفاظ الحديثية، وإنما طريقة القاضي -رحمه الله- هي طريقة الفقهاء في ذكر الأحاديث بمعانيها دون النظر في مبانيها، وقد كثر هذا للمؤلف -رحمه الله- فتراه ينقل من "مشارق الأنوار"، و "شرح مسلم" للنووي، و"معالم السنن" للخطابي، أحاديثَ وكلامًا دون نسبته إليهم في مواضع كثيرة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>