للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "حَيَّ على الصَّلاةِ، حَيَّ على الفلاحِ"، معناه: تعالوا إلى الصلاة، تعالوا إلى الفلاح؛ وهو الفوزُ، والبقاءُ الدائم، يقال: حَيَّ على كذا؛ أي: هَلُمَّ وأَقْبِلْ، ويقال: حَيَّ على، وحَيَّ هلا، وحَيَّ هلًا، وحَيَّ على كذا، وحَيَّ إلى كذا، وحَيَّ هَلَ منصوبة مخففة، مشبهة بخمسة عشر، وحَيَّ هَلْ بالسكون؛ لكثرة الحركات، وتشبيهًا بِصَهْ، ومَهْ، وبَخْ، وحي هل بسكون الهاء.

وقيل: معنى حَيَّ: هَلُمَّ، وهَلا: حثيثًا، وقيل: هلا: أسرعْ؛ جُعلا كلمة واحدة، وقيل: هلا: اسكن، وحيَّ: أسرعْ، وقيل: حيَّ: أعجلْ، وهلا: صلة (١).

وقوله: "وأذن بلالُ، فجعلتُ أتتبعُ فاه" إلى آخره؛ معناه: أتتبع فاه في حال التفاتِهِ يمينًا، وشمالًا؛ لقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح.

وتقدم ذكر معنى العَنَزة في الطهارة.

واعلم أنه لم يبين في رواية الكتاب مكانَ اجتماعه بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين ذلك في رواية أخرى؛ في "الصحيحين"، وغيرهما، وهي [أن] "أبا جحيفة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة؛ وهو بالأبطح، في قبة له حمراء، من أَدَم" (٢)؛ وفيها: فائدة زائدة رافعةٌ لإيهام أن يكون اجتماعه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قبل وصوله إلى مكة، في رواية الكتاب.

فيشكل قوله: "فلم يزلْ يصلِّي ركعتين، حتى رجعَ إلى المدينة"، من غير وصوله إلى مكة؛ وكأنه لم يبق للسفر نهاية، وإذا تبين أن الاجتماع كان بمكة؛ علم نهاية السفر، وابتداء قصر الظهر، وأنه: من ابتداء رجوعه من مكة، إلى وصوله إلى المدينة، والله أعلم.

وقوله: "ركزتُ له عَنَزَةً"؛ أي: أثبتت في الأرض، يقال: ركزتُ الشيء، أركُزه -بضم الكاف في المستقبل-، رَكْزًا: أثبته.


(١) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٢١٨).
(٢) رواه البخاري (٥٥٢١)، كتاب: اللباس، باب: القبة الحمراء من أدم، ومسلم (٥٠٣)، كتاب: الصلاة، باب: سترة المصلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>