والثاني: أنه لم يقصد به المخاطبة بالدعاء للناس إليها؛ بل قصد به حكاية ألفاظ المؤذن، وذلك لا يبطل.
ثم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فقولوا مثلَ ما يقولُ" لا يقتضي المثلية في رفع الصوت، ولا في أوصاف المؤذن، ومماثلته، بل من الوجه المبين في الأحاديث الصحيحة: من التكبير، والشهادتين، والحيعلة، والحوقلة؛ على ما بيناه أولًا، والله أعلم.
ثم اعلم: أن الإجابة سنة مرغَّب فيها، ليست بواجبة؛ على الصحيح الذي عليه الجمهور.
وحكى الطحاوي، عن بعض العلماء: الوجوبَ فيه؛ لظاهر الأمر.
واتفق أصحاب الشافعي -رحمهم الله-: أنه لا تُشرع إجابة المؤذن، إلا مرة واحدة.
وحكى القاضي عياض، خلافًا:
أنه هل يجب عند سماع كل مؤذن، أم لأول مؤذن فقط؟
قال: واختلف قولُ مالك؛ هل يتابع المؤذنَ، في كل كلمات الأذان، أم إلى آخر الشهادتين؟ لأنه ذكر، وما بعده ليس بذكر، وبعضه تكرار لما سبق.
قال: واختلف أصحاب مالك؛ هل يحكي المصلي المؤذنَ في صلاة الفريضة والنافلة، أم لا يحكيه فيهما، أم يحكيه في النافلة، دون الفريضة؟ على ثلاثة أقوال؛ ومنعه أبو حنيفة فيهما، والله أعلم.
قال الشافعي، وأصحابه -رحمهم الله-: لو سمع الأذان، وهو في قراءة، أو تسبيح، ونحوِهما؛ قطعَ ما هو فيه، وأتى بمتابعة المؤذن.
قالوا: ويتابعه في الإقامة؛ كالأذان، إلا أنه يقول في لفظ الإقامة: أقامها الله، وأدامها؛ ومتابعته فيها داخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فقولوا مثل ما يقول".