للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسمية الشيء باسم جزئه؛ تنبيهًا على فضل ذلك الجزء؛ كما أن أصل الصلاة الدعاء، ثم سميت العبادة كلها به؛ لاشتمالها عليه، وكذلك تسمية الصلاة: بالركوع، أو السجود، أو القرآن، أو القيام.

أو لأن المصلي منزِّهٌ لله تعالى، بإخلاص العبادة له وحده؛ كالتسبيح، فإنه تنزيهٌ لله تعالى؛ فيكون من مجاز الملازمة؛ لأن التنزيه لازم للصلاة المخلَصة لله وحده.

وقوله: "حيثُ كانَ وجهُهُ" يعني: حيثما توجه وجهه في السفر، وقد ثبت ذكر السفر في بعض الأحاديث، أو معظمها؛ وهو مطلق في رواية الكتاب، حتى تمسك بها بعض أصحاب الشافعي؛ وهو أبو سعيد الإصطخري في جواز النافلة على الدابة في البلد؛ وهو محكي عن أنس بن مالك، وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة.

وقوله: "يُومئُ برأسِهِ" يعني: في الركوع والسجود؛ ليكون البدلُ على وفق الأصل؛ فيجعل السجودَ أخفضَ من الركوع، وليس في الحديث ما يدل على ذلك، ولا نفيه، لكن في اللفظ ما يدل على نفي حقيقة السجود.

وقوله: "وكانَ ابنُ عمرَ يفعلُه" تنبيه على أن رواية الحديث، والعمل به أقوى في التمسك به من الرواية له فقط؛ لجواز أن يكون الحديث عند الراوي، إذا لم يعمل به؛ مخصوصًا بحالة، أو منسوخًا، أو معللًا، أو نحو ذلك.

وقوله: "كانَ يُوتر على بعيرهِ"؛ استدلَّ به على أن الوتر ليس بواجب، بل سنة؛ وهو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، والجمهور.

وقال أبو حنيفة: واجب، لا يجوز على الراحلة؛ بناءً على مقدمة أخرى؛ وهي أن الفرض لا يقام على الراحلة، وهو مرادف للواجب، فلا يقام عليها.

وليس بقوي في الاستدلال؛ لأنه ليس فيه إلا ترك الفعل المخصوص، وليس الترك دليلًا على الامتناع؛ وكذا الكلام على استثناء ابن عمر الفرائض، من فعله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه يدل على ترك هذا الفعل، وترك الفعل لا يدل على امتناعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>