للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشهر؛ وهو الذي يقتضيه تمامُ الكلام بعده: على الأمر، والفتحُ: على الخبر (١).

وقوله: "في صلاةِ الصبحِ":

قال الشافعي -رحمه الله-: قد سماها الله تعالى الفجرَ، وسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبحَ؛ فلا أحبُّ أن تُسمَّى بغير هذين الاسمين (٢).

وقد ثبت في "صحيح مسلم"، في هذا الحديث: "بينما الناسُ، في صلاة الغَداةِ" (٣)؛ ففيه دليلٌ على: جواز تسميتها غداةً؛ ولا خلاف في جوازه، وإن كان الشافعي لم يحبَّ تسميتها بغير الفجر والصبح؛ لأن ذلك لم يدل على منع التسمية بغيرهما؛ كيف، وقد ثبت غيرهما، من قول الصحابة؟! والله أعلم.

واعلم: أنه ينبغي أن نعرف كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستقبل الكعبة في صلاته، وهو بمكة؟ فذهب نفر من العلماء: إلى أن صلاته - صلى الله عليه وسلم -، وهو بمكة، لم تكن إلى بيت المقدس؛ وإنما صلى إليه بعد مقدمه إلى المدينة.

والذي عليه جمهور العلماء: أنه كان يصلي إلى الشام.

قال شيخنا أبو اليمن بن عساكر الحافظ -رحمه الله- (٤): وسبب الاختلاف في ذلك: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى بمكة مستقبلًا بيت المقدس جعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس، يتحرى القبلتين معًا؛ فلم يظهر استقباله بيت المقدس، ولا توجهه إليه، حتى هاجر إلى المدينة، وخرج من مكة.


(١) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٢) تقدم عن الإمام الشافعي في كتابه: "الأم".
(٣) رواه مسلم (٥٢٦) (١/ ٣٧٥)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة.
(٤) هو الشيخ الإمام الزاهد أمين الدين أبو اليُمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن زين الأمناء الدمشقي، كان صالحًا خيرًا، قوي المشاركة في العلم، بديع النظم، لطيف الشمائل، صاحب توجه وصدق، مات سنة (٦٨٦ هـ). انظر: "الوافي بالوفيات" للصفدي (١٨/ ٢٧١)، و"شذرات الذهب" لأبي العماد (٥/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>