للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما استقبالهم لأنس حين قدم من الشام؛ فلأنهم كانوا مقيمين بالبصرة، خرجوا منها، ليتلقوه في مجيئه إلى البصرة؛ فصادفوه في استلقائه، مستقبلين له بعين التمر.

ووقع في "صحيح مسلم"، قال: "تلقينا أنس بن مالك، حين قدم الشام" (١)، في جميع رواياته؛ من غير اختلاف من رواته، قال القاضي عياض: وقد قيل: إنه وهم، وصوابه: قدم من الشام؛ كما في "صحيح البخاري" (٢).

قال شيخنا أبو زكريا النووي - رحمه الله -: ورواية مسلم صحيحة، ومعناها: تلقيناه في رجوعه، حين قدم الشام؛ وإنما حذف ذكر رجوعه، للعلم به، والله أعلم (٣).

وقوله: "رأيتك تصلِّي إلى غير القِبلة، فقال: لولا أَني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله، لم أفعلْه"؛ هذا السؤال لأنس بن مالك، إنما هو عن عدم استقبال القبلة فقط، لا عن غير ذلك؛ من هيئة، ونحوها، والله أعلم.

وفيه فوائد:

منها: الصلاة على الدابة، إلى غير القبلة، إذا كانت نافلة؛ كما تقدم في حديث ابن عمر.

ومنها: جواز صلاة النافلة في السفر على الحمار.

ومنها: أنه قد يؤخذ منه طهارة الحمار؛ لأن ملامسته مع التحرز منه متعذر، لا سيما إذا طال الزمن في ركوبه؛ فاحتمل العرق، وإن كان يحتمل أن يكون على حائل بينه وبينه.

ومنها: الرجوع إلى أفعاله - صلى الله عليه وسلم -؛ كأقواله، والوقوف عندها.


(١) تقدم تخريجه في حديث الباب.
(٢) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٤٠١)، و"شرح صحيح مسلم" للنووي (٥/ ٢١٢).
(٣) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٥/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>