للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للصفوف، والمحافظة على ذلك، وتنبيه المأمومين عليها، والأمر المؤكد لهم بها؛ فإنه أكده - صلى الله عليه وسلم - بلام الأمر، ونون التوكيد، والتهديد على تركها؛ باختلاف القلوب، والأبشار.

وفي الحديث فوائد:

منها: أنه ينبغي للإمام والراعي: أمرُ أتباعِه بالخير، ومراقبتهُ لهم في ذلك، ظاهرًا وباطنًا، والشفقةُ عليهم في الدنيا والآخرة، ولا يهمل واحدًا منهم، وألَّا يخصه بالمخاطبة؛ بل يعمهم جميعَهم بالخطاب، وإن وقعت المخالفة من واحد منهم.

ومنها: الحثُّ على تسوية الصفوف، وتسويتها بنصَّ الإمام؛ ولهذا كان عمر - رضي الله عنه - يوكل بتسويتها رجالًا؛ فلو تركه الإمام، فعله المصلون، وأمرَ بعضُهم بعضًا بها، وشرع لكل أحد الأمرُ بها، وتسويتها.

والسر في تسويتها: موافقةُ الملائكة - صلوات الله وسلامه عليهم -، وقد ورد في حديث: "صُفُّوا كما تَصُفُّ الملائكةُ" (١)، والمطلوب منها: محبةُ الله تعالى لعباده.

ومنها: التحذيرُ من المخالفة؛ في الظاهر والباطن، والحثُّ على الموافقة، في الظاهر والباطن.

ومنها: أنه لا تُهمل مخالفةٌ، حتى لو حصل الامتثالُ من الجميع، وتخلَّفَ واحد، خُشي من شؤمه عليهم.

ومنها: شرعيةُ الكلام بين الإقامة والدخول في الصلاة؛ إذا كان لمصلحة الصلاة، ويقاس عليه: ما كان مصلحةً شرعية، وخُشي فواتُها.

واختار جماهير العلماء؛ من الشافعية، وغيرهم: الكلامَ مطلقًا، ومنعه بعضُهم.


(١) رواه مسلم (٤٣٠)، كتاب: الصلاة، باب: الأمر بالسكون في الصلاة، عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه -، بلفظ: "ألا تصفون كما تصفٌّ الملائكة؟ ". وقد رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٨٤٤٩)، عن ابن عمر - رضي الله عنه - باللفظ الذي ذكره المؤلف - رحمه الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>