للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه دليل على: استحباب موافقة المأموم الإمام، في التأمين؛ فيكون معه، لا قبله، ولا بعده.

وقد يستدل به على: الجهر بالتأمين للإمام؛ وهو ضعيف؛ فإن فعله، والتحضيضَ عليه، لا يلزم منه الجهرُ به، ووجهُ الاستدلال على جهر الإمام به: أنه علق تأمينهم بتأمينه؛ فلا بد أن يكونوا عالمين به، ولا يحصل لهم العلم إلا بالسماع.

قال أصحاب الشافعي: يسن للإمام، والمنفرد: الجهر بالتأمين؛ وكذا يسن للمنفرد، على المذهب الصحيح، وأجمعت الأمة على: أن المنفرد يؤمن؛ وكذلك الإمام والمأموم، في الصلاة السرية؛ وكذلك قال الجمهور في الجهرية.

وقال مالك، في رواية عنه: لا يؤمن الإمام في الجهرية.

وقال أبو حنيفة، والكوفيون، ومالك، في رواية: لا يجهر بالتأمين، وقال الأكثرون: يجهر.

واستدل لمالك: أن الإمام لا يؤمن؛ بأن المراد من الحديث، إذا أمن الإمام: على بلوغه موضع التأمين؛ وهو خاتمة الفاتحة، ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا قالَ: ولا الضالين، فقولوا: آمين" (١)؛ فإذا بلغ موضعه، قيل: أَمَّن، وإن لم يتلبس به؛ كما يقال: أنجد: إذا بلغ نجدًا، وأتهم: إذا بلغ تهامة، وأحرم: إذا بلغ الحرم؛ فكذلك إذا أمن: إذا بلغ موضعه.

وهذا مجاز، فإن وجد دليل يرجحه على ظاهر الحديث؛ فإن حقيقته في التأمين، عُمل به، وإلا فالأصل: عدم المجاز، ولعل مالكًا اعتمد على عمل أهل المدينة؛ إن كان لهم في ذلك عمل، ورجح به مذهبه، وقد تقرر في كتب الأصول: ضعفُ القول بعمل أهل المدينة فقط، خصوصًا إن عارضه نص، أو ظاهر.

وفيه دليل على: فضل الإمام؛ فإن تأمينه موافق لتأمين الملائكة؛ ولهذا شرع


(١) رواه مسلم (٤١٥)، كتاب: الصلاة، باب: النهي عن مبادرة الإمام بالتكبير وغيره، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>