للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ المراد بالكفين: الراحة، والأصابع، من غير اشتراط جمعها، بل يكفي أحدهما؛ فلو سجد على ظهر الكف: لم يكفه؛ هكذا ذكره بعض أصحاب الشافعي المصنفين.

ولم يختلف قولهم؛ في أنه لا يجب كشف الركبتين في السجود، ومباشرة المصلي بهما، بل يكفي وضعهما؛ لما يلزم منه من كشف العورة؛ وهو منهي عنه.

وأما القدمان: فلا يجب كشفهما -أيضًا-؛ لأن الشَّارع وقَّتَ المسحَ على الخفين بمدة تقع فيها الصلاة مع الخف، فلو وجب كشفهما؛ لوجب نزع الخف، وبطلت طهارتهما، أو كل الطهارة، وبطلت الصلاة؛ وهذا باطل، وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في الخفين؛ في غير حديث.

وأما الكفان: ففي كشفهما قولان للشافعي مترددان: بين الجبهة؛ فيجب كشفهما، وبين الركبتين، والقدمين؛ فلا يجب، وأصحهما عند المحققين: عدم الوجوب، مع اتفاقهم على تأكد استحبابه.

مع أن لفظ الحديث لا يدل على وجوب كشف شيء من الأعضاء السبعة؛ بل يدل على: وجوب الوضع على الأرض؛ فمن وضعها، فقد خرج عن العهدة، وأتى بما أمر به؛ فيكفي مسمى السجود: بالوضع، والزائدُ عليه: خلافُ الأصل، فهل يُضم الزائد إلى فعل المأمور به؛ فيجعل علة للإجزاء، أو جزء علة؟! فيه نظران، والله أعلم.

مع أن للشافعي، في وضع ما عدا الجبهة على الأرض؛ قولين، أصحهما: الوجوب؛ للحديث، وعللوا عدم وجوب وضعها: بأنه ليس بأصل؛ لمطلوب السجود عليها، وإنما هو للتبعية للسجود على الجبهة، وإذا وجب الشيء للتبعية والتمكين، لا يلزم منه الوجوب بالأصالة؛ ولهذا لو زوحم عن السجود على الأعضاء المذكورة، وأمكنه السجود على الجبهة: صح سجوده، والصلاة به.

والجواب عن هذا: أنه لا يلزم من صحة الصلاة، بالاقتصار على الجبهة في

<<  <  ج: ص:  >  >>