للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: ولأبي العاص بن الربيع، دون نسبة أمامة إليه، وإنما نسبها إلى أمها؛ تنبيهًا على أن الولد إنما ينسب إلى أشرف أبويه دينًا ونسبًا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما حملها، كان أبوها مشركًا، وهو قرشي عبشمي، وكانت أمها أسلمت، وهاجرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي قرشية هاشمية، فنسبها إليها دونه، وبين بعبارة لطيفة أنها لأبي العاص بن الربيع؛ تحريًا للأدب في نسبتها ونسبها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونسبه، والله أعلم.

ثم الكلام يتعلق بهذا الحديث بوجهين:

الأول: حمل الطفلة في الصلاة، وإباحته.

الثاني: طهارة ثوبها.

والكلام في الأول في بحثين:

الأول: أن حملها كان بغير تعمد منه - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، بل كانت تتعلق به - صلى الله عليه وسلم -، فلم يدفعها، فإذا قام بقيت معه، قاله الخطابي، قال: ولا يتوهم أنه حملها ووضعها مرة بعد أخرى عمدًا؛ لأنه عمل كثير يشغل، وإذا كان عمل الخميصة شغله، فكيف لا يشغله هذا (١)؟!

والجواب عن ذلك: أنه دعوى مجردة يردُّها ما ثبت في الصحيح في هذه الرواية وغيرها: أنه كانَ إذا سجدَ وضعَها، وإذا قام حملها، وفي غيره: خرج


(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ٤٣١).
قلت: قال الخطابي -رحمه الله-: ولا يكاد يتوهم عليه أنه كان يتعمد لحملها ووضعها وإمساكها في الصلاة تارة بعد أخرى؛ لأن العمل في ذلك قد يكثر فيتكرر، والمصلي يشتغل بذلك عن صلاته، ثم ليس في شيء من ذلك أكثر من قضائها وطرًا من لعب لا طائل له ولا فائدة فيه، وإذا كان عَلمُ الخميصة يشغله عن صلاته حتى يستبدل بها الأنبجانية، فكيف لا يشغل عنها بما هذا صفته من الأمر؟!
فهذا سياق كلام الخطابي -رحمه الله-، وما ذكره المؤلف -رحمه الله- هو من اختصار شيخه النووي -رحمه الله- لكلام الخطابي في "شرح مسلم" (٥/ ٣٢)، وكذلك ما سيذكره في الجواب عن كلام الخطابي، وهذا يدل ويؤكد ما قلناه مرارًا من اعتماد المؤلف على كتب شيخه النووي في جُلِّ مادة كتابه هذا، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>