للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشاء، والثالثة من المغرب، وقد اختلف قول الشافعي في الاستحباب وعدمه؛ على قولين، والمشهور منهما: عدم الاستحباب، إلَّا أن يكون المصلي مسبوقًا.

قال الشافعي - رحمه الله -: ولو أدرك المسبوق الأخريين؛ أتى بالسورة في الباقيتين؛ لئلا تخلو صلاته من سورة (١).

ومنها: أن سورة كاملة أفضل من قدرها من غيرها؛ لارتباط القراءة بعضها ببعض، في ابتدائها، وانتهائها، بخلاف قدرها من طويلة؛ فإنّه قد يخفى الارتباط على أكثر النَّاس، أو كثير منهم، فيبتدئ ويقف على غير مرتبط؛ وهو محذور؛ لإخلاله بنظم القرآن.

ومنها: تطويل السورة في الركعة الأولى على الثَّانية؛ في الصبح، والظهر، والعصر؛ وكذلك المغرب، والعشاء، وقد اختلف العلماء في ذلك؛ من الشافعية، وغيرهم؛ والاختلاف وجهان لأصحاب الشافعي:

أشهرهما عندهم: لا تطول الأولى على الثَّانية؛ وهو مخالف لظاهر الحديث، وتأولوه على: أنه طول بدعاء الافتتاح، والتعوذ، أو لسماع دخول داخل في الصَّلاة، لا في القراءة.

والثاني: وهو الصحيح، تطويل القراءة في الأولى قصدًا؛ لظاهر السنة؛ فعلى هذا من قال من أصحاب الشافعي: استحباب السورة في الأخريين، اتفقوا على أنها أخف منها في الأوليين.

واختلفوا في تطويل الثالثة على الرابعة، إذا قلنا بتطويل الأولى على الثَّانية؛ على وجهين.

وقد تقدم ذكر اختلاف السلف؛ في وجوب قراءة السورة مع الفاتحة، ودليله، وعدمه، وفي يده هنا وضوحًا، ولا شك؛ أن مجرد فعله - صلى الله عليه وسلم - لا يدل على الوجوب، إلَّا أن يبين أنه وقع بيانًا لمجمل؛ فقد ادعي في كثير من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - التي قصد إثبات وجوبها، أنها بيان له، لكن ذلك في هذا خارج عما ادعى؛ فإنّه


(١) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٤/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>