للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوقات؛ لتحققه انتفاءَ العلَّة، مع قصده إرادة التطويل؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لأَدخلُ في الصلاةِ، أريدُ إطالتها، فأسمعُ بكاءَ الصبيِّ، فأتجوَّزُ في صلاتي؛ مخافَة أن تُفْتَتَنَ أُمُّهُ" (١)؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "أَفَتَّانٌ أنتَ؟! " مرتين، أو ثلاثًا (٢).

وإن كان منفردًا، ووجد نفسه مقبلة على التطويل: طؤَل، وإلا: خفَّف؛ ليكون مقبلًا على صلاته، في جميع حالاته؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نعسَ أحدُكم في صلاتِه، فَلْيرقدْ" (٣)؛ أي: بعد فراغِه منها، وتخفيفها؛ خوفًا من السآمة، وعدم التدبر، والله أعلم.

وفي هذا الحديث مسائل:

منها: الحثُّ على قراءة هذه السور، ونحوها في الصَّلاة؛ إذا كان إمامًا، وفي حكمه المنفردُ، والمأمومُ الذي لا يسمع قراءة الإمام.

ومنها: تعليلُ الأحكام للناس؛ لكونه أدعى إلى القبول، والعمل بالعلم، وأثبت في القلوب.

ومنها: الرفق بالضعفاء، والشفقة عليهم؛ في الأمور الأخروية، فما ظنك بغيرها من أمور الدُّنيا؟

ومنها: تحسين العبارة في التعلم بالتحضيض الدال على الأمر من غير تعاطي لفظه؛ مراعاة لنفرة النفوس عنه، والله أعلم.


(١) رواه البُخاريّ (٦٧٧)، كتاب: الجماعة والإمامة، باب: من أخف الصَّلاة عند بكاء الصَّبي، ومسلم (٤٧٠)، كتاب: الصَّلاة، باب: أمر الأئمة بتخفيف الصَّلاة في تمام، لكن بلفظ: " .. فأتجوز في صلاتي، ممَّا أعلم من شدة وجد أمه من بكائه". وقد روى البُخاريّ قبله بحديث (٦٧٦)، عن أنس بن مالك: " ... وإن كان ليسمع بكاء الصَّبي فيخفف، مخافة أن تفتن أمه"، فلعل المؤلف - رحمه الله - قد انتقل نظره في شطر الحديث الأخير إلى هذا، فكتبه، والله أعلم.
(٢) تقدم تخريجه في حديث الباب؛ إذ هو جزء منه.
(٣) رواه البُخاريّ (٢٠٩)، كتاب: الوضوء، باب: الوضوء من النوم، ومسلم (٧٨٦)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد، عن عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>