للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْها، فكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا" (١).

تقدم ذكر أنس - رضي الله عنه -.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نسيَ صَلَاةَ فَلْيُصَلِّها إذا ذكرَها" معناه: أنه يلزمه الصلاة إذا خرجت عن الوقت بنوم أو نسيان، وتكون قضاء، وهذا لا خلاف فيه.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا كَفَّارةَ لها إلَّا ذلكَ" يعني: أنه لا كفارة لها غير فعلها وقتَ ذكرِها، ولا يلزمه شيء آخرُ مع فعلها؛ من عتقٍ أو صيام أو صدقة، كغيرها مما تدخله الكفارة مع وجوب قضائه، ويحتمل أن مراده أنه لا بدل لقضائها كما يقع الإبدال في بعض الكفارات، أو أنه لا يكفي مجرد التوبة والاستغفار، بل لا بدَّ من الإتيان بها.

وقوله: "أقم الصلاة لذكري" قال مجاهد في قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)} [طه: ١٤]؛ أي: لتذكرني فيها، وقال مقاتل: إذا تركت صلاة ثم ذكرتها فأقمها (٢).

وقد قرئ في الشواذ: {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا}.

ثم الأمر بقضائها يقتضي فعله عند ذكرها، فيصير ظرفًا للمأمور به، فيتعلق الأمر بالفعل فيه، ولا شك أنه كذلك، أما على الوجوب في حق من تركها عامدًا، فإنه يجب على الفور، أو على الاستحباب في حق النائم والساهي، ولا يجب كما ذكره بعض أصحاب الشافعي، وقد ذكر بعضهم الوجوب على الفور مطلقًا، وبعضهم عدم الوجوب على الفور مطلقًا، واستدل بعض العلماء على عدم وجوب القضاء على الفور بعذر النوم والنسيان بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لما ناموا عن صلاة الصبح بالوادي، فما أيقظهم إلا حر الشمس، أخر قضاءها، واقتادوا رواحلهم حتى خرجوا من الوادي، وذلك دليل على جواز التأخير، لكنه


(١) رواه مسلم (٦٨٤)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها.
(٢) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٥٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>