يتوقف ذلك على أنه لا يكون ثَمَّ مانع من المبادرة إلى فعلها، وادَّعى بعضهم أن المانع كونُ الشمس كانت حينئذ طالعة، والصلاة حينئذ مكروهة، وذلك مردود بأنها كانت صبح اليوم، وأبو حنيفة وغيره يجيزها في هذا الوقت، وبأن في هذا الحديث: فما أيقظهم إلا حرُّ الشمسُ، والحرُّ بها لا يكون إلا بعد ارتفاعها، والقضاء كان بعد ذلك، واعتقد بعضهم أن المانع من فعلها على الفور كونُ الوادي حضرَهم فيه الشيطان، وقد نبه في الحديث على ذلك، فأخر الصلاة حتى خرج عنه، لكن كل وقت ومكان وقع فيه مثل هذا يكون قد حضر فيه الشيطان غالبًا، لكن حضوره في الوادي قطعي بإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغيرُه ظنيٌّ راجح، وذلك كله يقتضي رجحان القضاء على الفور وإرغام الشيطان، لكن ما فعله - صلى الله عليه وسلم - من تأخيرها لذلك راجح مقدَّم على هذا الرجحان الَّذي يقتضي القضاء على الفور في هذه الصورة؛ لأنه صاحب الشرع، وهو - صلى الله عليه وسلم - أعرف به، والله أعلم.
ثم الصلاة إذا قلنا: إنه يجب الترتيب في قضائها، فلو ذكر الفائتة المنسية وهو في صلاة، هل يقطعها؟ لم يقل المالكية بالقطع مطلقًا، بل لهم في ذلك تفصيل بين الفذ والإمام والمأموم، وبين أن يكون الذكر بعد ركعة أولًا، فلا يستمر الاستدلال مطلقًا لهم، وحيث يقال: يقطعها، فوجهُ الدليل منه أنه يقتضي الأمر بالقضاء عند الذكر، ومن ضرورة ذلك قطعُ ما هو فيه، ومن أراد إخراج شيء من ذلك، فعليه أن يبين معنى مانعًا من إعمال اللفظ في الصورة التي يخرجها، ولا يخلو هذا التصرف من نوع جدل.
وفي الحديث دليل على: وجوب القضاء على العامد بالترك بطريق الأولى؛ لأنه إذا لم تقع المسامحة مع قيام العذر بالنوم والنسيان، فلأن لا يقع مع عدم العذر [أولى]، وحكى القاضي عياض عن بعض المشايخ أن قضاء العامد مستفاد من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليصلِّها إذا ذكرها"؛ لأنه بغفلته عنها وعمده كالناسي، ومتى ذكر تركه لها، لزمه قضاؤها.
قال شيخنا أبو الفتح القاضي - رحمه الله -: وهو ضعيف؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: