للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ لْينتَثِر"، الانْتِثَارُ: هو دفع الماء للخروج من الأنف، مأخوذ من النثرة؛ وهي طرف الأنف، ومنهم من جعله جذبَ الماء إلى الأنف؛ وهو الاستنشاق، وقال: هو مشتركٌ بينهما، وهو قول ابن الأعرابي وابن قتيبة، وقال الخطابي: النُّثْرَةُ؛ هي الأنف (١)، وثبت في الصَّحيح أنّه صلى الله عليه وسلم استنشق واستنثر، فجمع بينهما، وذلك يقتضي التغاير.

ومنهم من قال: سمَّى جذب الماء استنشاقًا بأوَّل الفعل، واستنثارًا بآخره؛ وهو استدعاء الماء بنفس الأنف للدخول والخروج.

وقال الفرَّاء: يقال: نثر الرجل، وانتثر، واستنثر؛ إذا حرَّك النثرة في الطهارة (٢).

وقوله صلى الله عليه وسلم: "ومَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتر".

الاستجمار: مسحُ محل البول والغائط بالجِمار، وهي الأحجار، وحمله بعضهم على استعمال البَخُور للتطيُّب بالمجمر، فإنه يقال فيه: تجمَّر، واستَجْمَر، إمَّا بأَنْ يأخذَ ثلاث قطع من الطِّيب، أو يتطيَّب ثلاث مرات، واحدة بعد أخرى، والأظهر الأوَّل.

والإيتار: أنْ يكونَ الاستجمارُ بوتر، لكن هو عند الشَّافعي: لا يجوز بأقل من ثلاث، وإن حصل الإنقاء؛ لأنَّ الواجب عنده أمران: إزالة العين، واستيفاء ثلاث مسحات، فإن حصل الإنقاء بثلاث، فلا زيادة، وإن لم يحصل، وجبت الزيادة.

وهذا الحديث يدل على وجوب الإيتار، لكن بالثلاث من دليل آخر؛ وهو نهيه صلى الله عليه وسلم أن يستنجي بأقل من ثلاث (٣).


(١) انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة (١/ ١٦٠)، و"غريب الحديث" للخطابي (١/ ١٣٦)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ١٤).
(٢) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٥/ ١٩١)، (مادة: نثر).
(٣) رواه مسلم (٢٦٢)، كتاب: الطهارة، باب: الاستطابة، عن سلمان - رضي الله عنه - بلفظ:=

<<  <  ج: ص:  >  >>