كما يعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السورة من القرآن، والله أعلم.
واعلم أن العلماء اختلفوا في التشهد، هل هو واجب، أم سنة؟ فقال الشافعي وطائفة: الأخير واجب، والأول سنة، وقال جمهور المحدثين: هما واجبان، وقال أحمد: الأول واجب، والثاني فرض، وقال أبو حنيفة ومالك وجمهور الفقهاء: هما سنتان، وعن مالك رواية بوجوب الأخير، وقد وافق من لم يوجب التشهد على وجوب التعوذ بقدره في آخر الصلاة، واستدل للوجوب بقوله:"فليقل التحياتُ"، والأمر للوجوب، إلا أن مذهب الشافعي - رحمه الله - أن جميع ما يوجه إليه هذا الأمر ليس بواجب، بل الواجب بعضه، وهو:"التحيات لله، سلام عليك أيها النبي"، من غير إيجاب ما بين ذلك من "المباركات والطيبات والصلوات"، وكذا -أيضًا- لا يوجب كل ما بعد السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - على اللفظ الذي يوجه عليه الأمر، بل الواجب بعضه، واختلفوا فيه، وعلل هذا الاقتصار على بعض ما في الحديث بأنه المتكرر في جميع الروايات، وعليه إشكال؛ لأن الزائد في بعض الروايات زيادة من عدل، فيجب قبولُها إذ توجه الأمر بها، وكان الشافعي - رحمه الله - اعتبر في حد الأقل ما رآه مكررًا في جميع الروايات، ولم يكن تابعًا لغيره، وإن ما انفردت به الروايات، أو كان تابعًا لغيره، جوز حذفه، لكنه يشكل على هذا لفظة "الصلوات"، فإنها ثابتة في جميع الروايات، وليست تابعة في المعنى، وقد ادعى الرافعي ثبوت "الطيبات" في جميع الروايات، واستشكلها، وهي منفية في رواية "الموطأ" عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، والله أعلم.
ثم اعلم أن "المباركات والزاكيات" في حديث عمر بمعنى واحد، والبركة: كثرة الخير، وقيل: النماء، وكذا الزكاة أصلُها النماء.
وفي هذا الحديث أحكام:
منها: شرعية تعليم السنة والأحكام وضبطها وحفظها كما يشرع تعليم القرآن وحفظه وضبطه.