وهو المستحق لأنواع المحامد، وقيل: الذي تُحمد أفعاله، ومجيد: مبالغة في الماجد، وهو الذي كمل في الشرف والكرم والصفات المحمودة، يقال: مَجُدَ الرجلُ ومَجَدَ -بالضم والفتح- يمجُد -بالضم فيهما-، مَجدًا ومَجادة، فيكون مجيد كالتعليل لاستحقاق الحمد بجميع المحامد، ويحتمل أن يكون حميد مبالغة من حامد، ويكون ذلك كالتعليل للصلاة المطلوبة؛ فإن الحمد والشكر يتقاربان، فحميد قريب من معنى شكور، وذلك مناسب لزيادة الإفضال والإعطاء لما يراد من الأمور العظام، وكذلك المجد والشرف مناسبته لهذا المعنى ظاهرة، والله أعلم.
وقد احتج بهذا الحديث من أجاز الصلاة على غير الأنبياء، فإن أراد بالجواز على سبيل التبعية لهم، فمسلم، وإن أراد على سبيل الاستقلال، فممنوع، مع أن الصلاة والتسليم لم يؤمر بهما على سبيل الجمع في الكتاب العزيز إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يخبر الله تعالى عن نفسه الكريمة وعن ملائكته - صلى الله عليهم وسلم - بالصلاة فقط إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما السلام فقط، فقد سلم الله تعالى في سورة الصافات على الأنبياء والمرسلين دون الصلاة، وقد أمر الله تعالى نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالسلام على المؤمنين بالآيات إذا جاؤوه، فقال تعالى:{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}[الأنعام: ٥٤].
وقد أجمع العلماء على الصلاة على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك أجمع من يعتد به على جوازها واستحبابها على سائر الأنبياء والملائكة استقلالًا، وأما غير الأنبياء والملائكة من مؤمني الآدميين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقد اختلف العلماء في الصلاة عليهم استقلالًا، فذهب مالك والشافعي والأكثرون إلى أنهم لا يُصلَّى عليهم استقلالًا، فلا يقال: اللهم صل على أبي بكر، أو عمر، أو علي، أو غيرهم، ولكن يُصلَّى عليهم تبعًا، والحديث يدل على ذلك، خصوصًا على مذهب المحققين في أن الآل كل المؤمنين.
واختلف أصحاب الشافعي في هذا المنع هل هو للتحريم أم لكراهة التنزيه،