فرضًا ثلاثية ورباعية، وقد نص الشارع على أن نفله مثنى، فلا يتعدى.
أجاب الأولون والجمهور بأنه صح بالإسناد الصحيح الذي أجاب البخاري بصحته، وهو في "سنن أبي داود والترمذي": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"صلاةُ الليل مثنى مثنى"(١)، لكن ظاهر لفظ الحديث في "الصحيحين" يقتضي حصرَ صلاة الليل فيما هو مثنى، وبعد ثبوت لفظ النهار، ارتفع الحصر في الليل، واقتضى أن حكم النهار كالليل في كون صلاة نفله مثنى، وهو المقصود؛ إذ ذلك ينافي الزيادة؛ لأنه لو جازت الزيادة، لما انحصرت صلاة الليل والنهار في المثنى، لكن الشافعي حمل ذلك على الأفضل والأولى، وهو أن يسلم من كل ركعتين، فلو جمع ركعات بتسليمة واحدة، أو تطوع بركعة واحدة، جاز، وذكر بعض أصحاب الشافعي أنه لو تطوع بأزيد من ركعتين شفعًا أو وترًا، فلا يزيد على تشهدين، ثم إن كان المتنفل به شفعًا، فلا يزيد بين تشهدين على ركعتين، وإن كان وترًا، فلا يزيد بينهما على ركعة، فعلى هذا إذا تنفل بعشر ركعات مثلًا، جلس بعد الثامنة، ولا يجلس بعد السابعة، ولا ما قبلها؛ لأنه يكون قد زاد على ركعتين بين التشهدين، وإن تنفل بتسع أو بسبع مثلًا، فلا يزيد بين التشهدين على ركعة، فيجلس بعد الثامنة في التسع، وبعد السادسة في السبع، ثم يصلي الركعة، ثم يجلس، ولو اقتصر على جلوس واحد في ذلك كله، جاز، وإنما حمله على ما ذكر أن النوافل تبع للفرائض، وهي شبهها، والفريضة الوتر للنهار في المغرب، وليس بين التشهدين فيها إلا ركعة واحدة، والفرائض الشفع ليس بين التشهدين فيها أكثر من ركعتين، وليس بمتفق على ذلك عند أصحاب الشافعي، وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الضحى يوم الفتح ثمان ركعات، سلَّم من كل ركعتين، وكل واحدة من صلاة العيد والاستسقاء ركعتان، وهذه كلها من صلاة النهار، والله أعلم.
(١) رواه أبو داود (١٣٢٦)، كتاب: الصلاة، باب: صلاة الليل مثنى مثنى، والترمذي (٤٣٧)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء أن صلاة الليل مثنى مثنى.