للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقرت صلاة المسافر، وزيدت في صلاة المقيم (١).

وقوله: "فكان لا يزيد في السفر على ركعتين" لا شك أن مذهب ابن عمر - رضي الله عنهما - عدم التنفل في السفر، حتى لو قال: لو كنت متنفلًا، لأتممت، فحينئذ قوله: "فكان لا يزيد على ركعتين" يحتمل أن يكون ذكره دليلًا على عدم التنفل وقصر الصلاة، فلا يزيد على ركعتين في الرباعية، ولا يتنفل قبلها ولا بعدها، ويحتمل أنه أراد عدم التنفل فقط، ويكون ذكر قصر الصلاة لازمًا لذلك، وقد وردت أحاديث يدل سياقها على أنه أراد ذلك، والظاهر الذي يفهم منه أنه أراد عدم زيادة في الفرض على ركعتين وترك الإتمام؛ حيث أتم جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- الصلاة في السفر، فذكر ذلك دليلًا عليهم، وذكر أبا بكر وعمر وعثمان في ذلك، مع أن الحجة قائمة بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ليبين أن ذلك كان معمولًا به عند الأئمة، لم يتطرق إليه نسخ ولا معارضة راجحة، وقد فعل ذلك جماعة من الأئمة في استدلالهم؛ كمالك وغيره، والله أعلم.

واعلم أن القصرَ في السفر الطويل والإتمامَ جائزان بالإجماع، واختلف العلماء في أن الأفضل القصر أو الإتمام؟ فذهبَ مالكٌ والشافعي وأحمد وأكثرُ العلماء على أن القصر أفضل، وللشافعي قول: أن الإتمام أفضل؛ قياسًا على قوله: إن الصوم في السفر أفضل، ولأصحابه وجه: أنهما سواء.

وقال أبو حنيفة وجماعة: القصر واجب، ولا يجوز الإتمام.

والحجة عليهم ما ثبت في "صحيح مسلم" وغيره أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يسافرون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمنهم القاصر، ومنهم المتم، ومنهم الصائم، ومنهم المفطر، لا يعيب بعضهم على بعض (٢)، وبأن عثمان كان أمير


(١) رواه البخاري (٣٤٣)، كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلوات في الإسراء، ومسلم (٦٨٥)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة المسافرين وقصرها، عن عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) رواه مسلم (١١١٧)، كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في =

<<  <  ج: ص:  >  >>