للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المقصود بالأمر بإخراجهن جميعهن المبالغة في الاجتماع وإظهار الشعار، وكان المسلمون إذ ذاك في غاية القلة، فاحتيج إلى المبالغة بإخراج العواتق وذوات الخدور الحيض منهن والطاهرات لذلك، وأمرُ الحيض باعتزال مصلى المسلمين ليس لتحريم حضورهنَّ فيه إذا لم يكن مسجدًا، بل إما مبالغة في التنزيه لمحل العبادة في وقتها على سبيل الاستحسان، أو لكراهة جلوس من لا يصلي مع المصلين في محل واحد في حال إقامة الصلاة؛ كما جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: "ما منعكَ أنْ تصلي معَ الناس، ألستَ برجل مسلم؟ " (١)؛ ولا يصح أن يستدل بهذا الأمر على وجوب صلاة العيدين والخروج إليها؛ لأن هذا الأمر إنما توجه لمن ليس بمكلف بالصلاة باتفاق؛ كالحيض، وإنما مقصود هذا الأمر تدريبُ الأصاغر على الصلاة، وشهود دعوة المسلمين، ومشاركتهم في الثواب، وإظهار جمال الدين.

قولها: فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، ويرجون بركةَ ذلك اليوم، وطُهرته: هذا إشعار بتعليل خروجهن لأجل ما ذكر الفقهاء أو بعضهم يستثنى خروج الشابة التي يخاف من خروجها الفتنة، وقد تقدم اختلاف الصحابة ومَنْ بعدهم في ذلك في الحديث قبله.

واعلم أن التكبير للعيدين شُرع في أربعة مواطن: في السعي إلى الصلاة إلى حين يخرج الإمام، وفي أول الصلاة، وفي أول الخطبة، وبعد الصلاة، وسيأتي بيان تفصيله في أحكام الحديث، والله أعلم.

وفي هذا الحديث أحكام:

الأول: أن السنة الخروج لصلاة العيد إلى المصلى، وأنه أفضل من فعلها في المسجد، وعلى هذا عملُ الناس في معظم الأمصار، وأما أهلُ مكة، فلا يصلونها إلا في المسجد من الزمن الأول، واختلف أصحاب [الشافعي]


(١) رواه النسائي (٨٥٧)، كتاب: الإمامة، باب: إعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل لنفسه، من طريق الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ١٣٢)، عن محجن الديلي - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>