الغيرة، فأطلق لفظ الغيرة عليهما من مجاز الملازمة، أو غير ذلك من الوجوه الشائعة في لسان العرب كما ذكرنا، والأمر في التأويل وعدمه في هذا قريب عند من يُسلِّم التنزيه؛ فإنه حكم شرعي؛ أعني: الجواز وعدمه، كما تؤخذ سائر الأحكام، إلا أن يدعي مدَّعٍ أن هذا الحكم ثبت بالتواتر عن صاحب الشرع -أعني: المنع من التأويل- ثبوتًا قطعيًّا، فخصمُه يقابله حينئذٍ بالمنع الصريح، وقد يتعدى بعض خصومه إلى التكذيب القبيح.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أمة محمد! والله لو تعلمونَ ما أعلمُ، لَضحكتُم قليلًا، ولَبكيتُم كثيرًا" معناه: لو تعلمون من عظم انتقام الله تعالى من أهل الجرائم، وشدة عقابه، وأهوال القيامة وما بعدها كما علمت، ترونَ النار كما رأيت في مقامي هذا، وفي غيره، لبكيتم كثيرًا، ولقلّ ضحككم؛ لفكركم فيما علمتموه.
ولما كانت النفوس مجبولةً على الإخلاد إلى الشهوات، والأخذ بالرخص وترك العزائم، وذلك كلُّه يوقعها في الخطر العظيم، ويحملها عليه، قابلها - صلى الله عليه وسلم - الطبيب الحاذق بما يصدُّها، لا بما يزيدها؛ فإن العلل المزمنة إن لم يبادر إليها بقطع مادة الداء بالدواء النافع القاطع لها، وإلا استحكمت العلة.
وقولها:"فاستكمل أربعَ ركعاتٍ وأربعَ سجداتٍ" أطلقت الركعات على عدد الركوع، وتقدم في الحديث الأول إطلاقها في ركعتين، وهو متمسَّك بعض المالكية في أنه لا يقرأ الفاتحة في الركوع الثاني؛ من حيث إنه أطلق على الصلاة ركعتين.
وفي الحديث أحكام:
منها: شرعية صلاة الكسوف في جماعة بإمام.
ومنها: شرعية طول القيام فيها، ولم يذكر في الحديث حد لطوله، لكن قال أصحاب الشافعي وغيرهم بطول القيام الأول نحوًا من سورة البقرة؛ لحديث ورد فيه.
ومنها: تطويل الركوع الأول، ولم يذكر -أيضًا- في الحديث له حد، وذكر